يوم الصحافة الكردية: تاريخ، تحديات، وآفاق المستقبل

ماهين شيخاني

مقدمة: يحتفل الشعب الكردي بيوم الصحافة الكردية في 22 أبريل من كل عام، وهو يوم يعكس التزام الصحفيين الكرد بالقضايا الوطنية والثقافية والاجتماعية لشعبهم. هذا اليوم يحمل في طياته تاريخًا طويلًا من النضال من أجل حرية التعبير وحق الكلمة، ويُحتفى به بمثابة اعتراف بدور الصحافة في النهوض بالوعي الاجتماعي والسياسي في مناطق كردستان.

تاريخ الصحافة الكردية: شهدت الصحافة الكردية مسارًا طويلًا من التحديات والصعوبات، حيث بدأت في نهاية القرن التاسع عشر مع تأسيس جريدة “كوردستان” على يد الصحفي والسياسي الكردي جلادت مدحت باشا بدرخان في عام 1898 في القاهرة. كانت هذه الصحيفة خطوة هامة في تاريخ الصحافة الكردية، حيث لعبت دورًا بارزًا في نشر الوعي الثقافي والسياسي لدى الشعب الكردي في مناطق متعددة من الشرق الأوسط.

رغم الصعوبات والرقابة التي فرضتها الأنظمة الاستبدادية في العديد من البلدان، استمرت الصحافة الكردية في نضالها ضد التهميش، حيث ساهمت في نشر القضايا الكردية وتوثيق الهوية الكردية، ونقل آلام وأحلام الشعب الكردي إلى العالم.

أهمية الصحافة الكردية: الصحافة الكردية تعد من الركائز الأساسية في الحفاظ على الهوية الثقافية الكردية. فهي ليست فقط وسيلة لتوزيع الأخبار، بل هي أداة للتعليم والتثقيف والمقاومة. من خلال الصحافة، استطاع الشعب الكردي توثيق معاناته في مواجهة القمع والتهجير، ودافع عن قضاياه العادلة أمام العالم. فضلاً عن ذلك، فإن الصحافة الكردية لعبت دورًا حيويًا في توعية الجيل الجديد بالقضايا الوطنية والتراث الثقافي.

تعمل الصحافة الكردية اليوم على تعزيز اللغة الكردية في الإعلام وتطوير مفرداتها وتحديث أساليبها لتواكب التحولات السياسية والاجتماعية. علاوة على ذلك، تعتبر الصحافة الكردية في المهجر جزءًا من الحركة الكردية العالمية التي تسعى إلى لفت الانتباه للقضايا الكردية في الساحات الدولية.

التحديات التي تواجه الصحافة الكردية: رغم الإنجازات العديدة التي حققتها الصحافة الكردية، فإنها لا تزال تواجه العديد من التحديات. من أبرز هذه التحديات الرقابة الحكومية وفرض القيود على حرية الصحافة في العديد من الدول التي تضم أقليات كردية، مثل تركيا، العراق، إيران، وسوريا. الصحفيون الكرد، في العديد من الحالات، يُجبرون على العمل في بيئة تفتقر إلى الحريات الأساسية، مما يعرضهم للتهديدات والمضايقات والاعتقالات.

كما تواجه الصحافة الكردية تحديات اقتصادية، حيث تعتمد العديد من الصحف والمجلات على الدعم المحدود من الدولة أو منظمات المجتمع المدني. وهذا يؤثر بشكل كبير على استقلاليتها وقدرتها على تقديم محتوى إعلامي متنوع ومستقل.

الآفاق المستقبلية: رغم التحديات، تبدو آفاق الصحافة الكردية مشرقة. مع التقدم التكنولوجي، أصبحت وسائل الإعلام الرقمية وسيلة رئيسية لنقل الأخبار والمعلومات، مما يوفر للصحافة الكردية منصة جديدة للوصول إلى جمهور أوسع في جميع أنحاء العالم. تساهم المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر الوعي حول القضايا الكردية وتوسيع نطاق التفاعل مع جمهور متنوع.

يستمر الصحفيون الكرد في النضال من أجل حرية التعبير، ومع مرور الوقت، من المتوقع أن تشهد الصحافة الكردية مزيدًا من التقدم والتطور، بما في ذلك تعزيز المؤسسات الإعلامية الكردية المستقلة وتعزيز قدراتها الفنية والإعلامية.

خاتمة: يعد يوم الصحافة الكردية فرصة للاحتفاء بما حققته الصحافة الكردية من إنجازات، رغم الصعاب. هو يوم للاحتفال بالكلمة الحرة التي تحدت كل أشكال القمع، وهي في الوقت نفسه دعوة للصحفيين الكرد في جميع أنحاء العالم للاستمرار في النضال من أجل الحرية والعدالة. كما يظل هذا اليوم تذكيرًا بأن الصحافة ليست فقط أداة لنقل الأخبار، بل هي أداة لبناء وعي جماعي، وصوت لكل من لا يُسمع صوته.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…

صدر مؤخرًا عن دار نشر شلير – Weşanên Şilêr في روجافاي كردستان، الترجمة الكردية لرواية الكاتبة بيان سلمان «تلك الغيمة الساكنة»، بعنوان «Ew Ewrê Rawestiyayî»، بترجمة كلٍّ من الشاعر محمود بادلي والآنسة بيريفان عيسى.

الرواية التي تستند إلى تجربة شخصية عميقة، توثّق واحدة من أكثر المآسي الإنسانية إيلامًا في تاريخ كردستان العراق، وهي الهجرة المليونية القسرية…

حاوره: ابراهيم اليوسف

تعرّفتُ على يوسف جلبي أولًا من خلال صدى بعيد لأغنيته التي كانت تتردد. من خلال ظلال المأساة التي ظلّ كثيرون يتحاشون ذكرها، إذ طالما اكتنفها تضليلٌ كثيف نسجه رجالات وأعوان المكتب الثاني الذي كان يقوده المجرم حكمت ميني تحت إشراف معلمه المجرم المعلم عبدالحميد السراج حتى بدا الحديث عنها ضرباً من المجازفة. ومع…

مروى بريم

تعودُ علاقتي بها إلى سنوات طويلة، جَمَعتنا ببعض الثَّانوية العامة في صفّها الأول، ثمَّ وطَّدَت شعبة الأدبي صحبتنا، وامتَدَّت دون انقطاع حتى تاريخه.

أمس، انتابني حنينٌ شبيهٌ بالذي تقرّحت به حنجرة فيروز دون أن تدري لمن يكون، فوقه اختياري على صديقتي وقررتُ زيارتها.

مررتُ عن عمَدٍ بالصّرح الحجري العملاق الذي احتضن شرارات الصِّبا وشغبنا…