أنامل الصمت تصنع الجمال

جيلان محمد شريف

إعلامية كوردية، مترجمة، وناشطة في الشأن الإنساني

 

في عالم يتزايد فيه الاهتمام بالفن والإبداع، تتألق قصص ملهمة لشخصيات تتغلب على التحديات لتصل إلى النجاح. من بين هذه الشخصيات البارزة، تبرز شنو وبوكان، شقيقتان من ذوات الاحتياجات الخاصة، حولتا تحدياتهما إلى مصدر قوة وإلهام. بشغفهما العميق بصناعة الإكسسوارات والأعمال اليدوية، تمكنتا من بناء مسيرة فنية تعكس إبداعهما وجهودهما المستمرة.

 

تحديات فقدان السمع

رغم فقدان السمع، أثبتت الشقيقتان أن الفن يتجاوز جميع الحواجز، وأنه يمثل وسيلة قوية للتعبير والاندماج في المجتمع. كل قطعة تصنعانها تحمل رسالة أمل وتحدٍ، لتصبح رمزًا للإرادة والإبداع. عند سؤالهما عن تأثير فقدان السمع على حياتهما اليومية، أجابتا: «رغم أن فقدان السمع كان تحدياً كبيراً في بدايتنا، إلا أننا تمكنا من التغلب على هذه الصعوبة بفضل الدعم القوي من عائلتنا المتماسكة. لقد أدركنا منذ الصغر أهمية التواصل وبدأنا في تعلم طرق جديدة للتفاعل مع من حولنا باستخدام لغة الإشارة والإيماءات، مما ساهم في تعزيز الروابط العائلية بيننا».

تجارب التواصل والعزلة

تحدثت الشقيقتان عن الصعوبات التي واجهتهما في تفهم الآخرين بسبب قلة الوعي بلغة الإشارة. «نعم، واجهنا صعوبات في تفهم الآخرين لنا، مما أدى أحياناً للإحباط. ولكن حبنا للحياة ورغبتنا في الاستقلالية دفعنا للبحث عن طرق بديلة، مثل استخدام الإيماءات وتعبيرات الوجه، مما ساعدنا في البقاء جزءاً فعالاً في المجتمع وتجاوز الصعوبات». وقد أدى ذلك إلى تعزيز ثقافة التواصل غير اللفظي لديهما، حيث تعلمتا كيفية التعبير عن مشاعرهن وأفكارهن بطريقة تضمن فهم الآخرين لهن.

معهد هيوا وتأثيره

تعتبر شنو معهد هيوا نقطة تحول في حياتها، حيث بدأت فيه رحلتها التعليمية منذ الصغر. تقول: «تطورت مهاراتي الأكاديمية والشخصية في هذا المعهد، حيث كان لي دوراً في دعم الأطفال الذين يعانون من فقدان السمع». بمرور الوقت، أصبحت شنو معلمة للصف الأول والثاني، ثم مساعدة للمدير. «أشعر بالامتنان للعمل في المكان الذي دعمني في طفولتي، حيث أستطيع الآن دعم الأطفال ومساعدتهم على التغلب على التحديات التي واجهتها، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم ليصبحوا أفراداً فاعلين في المجتمع».

 

 

رحلة صناعة الإكسسوارات

قبل تسع سنوات، بدأت الشقيقتان شنو وبوكان رحلتهما في عالم الأعمال اليدوية. كانت شنو هي صاحبة الشرارة الأولى، حيث قالت: «بدأت بتعلم المهارات الأساسية لإنشاء قطع فريدة تعكس ذوقنا وإبداعنا. كان ذلك بمثابة بداية جديدة لنا». لاحقاً، انضمت بوكان إلى هذه المسيرة، مما أضفى تنوعاً على أعمالهما.

تدرك الشقيقتان أن الأعمال اليدوية لا تتطلب السمع أو الكلام، بل تعتمد على الإبداع والخيال. وتؤكدان: «إن القدرة على التعبير عن أفكارنا من خلال الأشكال والألوان جعلتنا نتميز فيما نقدمه».

 استراتيجيات الترويج الفعالة

تتبنى شنو وبوكان مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات للترويج لأعمالهما اليدوية. تشرحان قائلتين: «نعتمد بشكل كبير على الإنترنت، حيث ننشئ حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وفيسبوك. نشارك صور منتجاتنا ومقاطع فيديو تبرز تفاصيل العمل اليدوي، ونتفاعل مع المتابعين بشكل مستمر».

بالإضافة إلى ذلك، تحرصان على المشاركة في الفعاليات والمعارض المحلية، مثل احتفالات الربيع والمناسبات الوطنية. وتضيفان: «نستخدم كل مناسبة لإظهار أعمالنا وسرد القصص خلف كل قطعة، مما يخلق ارتباطاً عاطفياً مع العملاء».

 

 

تقبل المجتمع وآفاق النمو

تصف الشقيقتان استقبال المجتمع لأعمالهما بأنه إيجابي ومتزايد. وتقولان: «على الرغم من التحديات التي نواجهها كذوات احتياجات خاصة، فإن شغفنا وإبداعنا منحانا مكانة خاصة في قلوب الناس، ودعم زبائننا يشجعنا على الاستمرار».

أصبحت هذه المهنة مصدر رزق مهماً لهما، حيث تعملان بجد لتحقيق الاستقلالية المالية. وتطمحان إلى «تطوير عملنا من خلال توسيع نطاق منتجاتنا وتحسين مهاراتنا، ونسعى لابتكار تصاميم جديدة والمشاركة في المزيد من الفعاليات والمعارض لنصل إلى جمهور أكبر ونحدث تأثيراً إيجابياً في المجتمع».

دور شيراز: الداعم الأساسي

تلعب شيراز، شقيقة شنو وبوكان، دوراً محورياً في حياتهما ونجاحهما. تقول الشقيقتان بامتنان: «شيراز هي شقيقتنا التي كانت دائماً معنا في كل خطوة. منذ صغرها، قمتُ بتربيتها، وأصبحت الآن اللسان الذي نتحدث به، والأذن التي تسمع لنا».

وتضيفان: «شيراز تجعل كل لحظة تمر علينا أكثر سعادة ودفئاً، ووجودها يمنحنا الإلهام لنحقق أحلامنا».

 

 رسالة أمل وتغيير للمجتمع

تختتم الشقيقتان قصتهما برسالة قوية موجهة إلى المجتمع:

«رسالتنا هي أن كل فرد، بغض النظر عن التحديات التي يواجهها، لديه القدرة على الإبداع وتحقيق أحلامه. نؤمن بأن ذوي الاحتياجات الخاصة ليسوا مجرد أفراد يحتاجون إلى الدعم، بل هم أيضاً مصادر للإلهام والقوة. من خلال عملنا اليدوي، نبرز أهمية الفن كوسيلة للتعبير عن الذات وتحقيق الاستقلالية. نرغب في إظهار أن الأعمال اليدوية ليست مجرد هواية، بل هي مهارة تعكس الثقافة والتراث وتعزز الروابط الاجتماعية».

ختاماً، تُبرز قصة شنو وبوكان كيف يمكن تحويل التحديات إلى فرص للإبداع والنجاح. إنهما تشكلان مثالاً يُحتذى به في العمل الجاد والعزيمة، وتلهمان الآخرين للسعي وراء أحلامهم بغض النظر عن العقبات التي قد تواجههم.

===============

كوردستان بالعربي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد حسو

….. كان يا ما كان في قديم الزمان، أسد عجوز عاش سنوات طويلة سيدًا لغابة مترامية الأطراف، وكان يحكمها بحكمته وقوته. وفي الجوار، كان هناك نمر شاب في مقتبل العمر، طموحه السيطرة على تلك الغابة وفرض نفوذه.

نشب قتالٌ شرس بين الأسد والنمر. كان النمر مليئًا بالطاقة والشراسة، بينما الأسد، رغم خبرته، كان يرزح تحت…

بسام مرعي

قبل عشر سنوات من الآن انطلق نادي المدى للقراءة – أربيل بروحِ مفعمةٍ بحب المعرفة وشغف القراءة ليكون منصةً تجمع حولها عشاق الكلمة المكتوبة و الروح المحلقة في سماء القراءة ، ومكانًا يفتح أبوابه لكل من يسعى للحوار والمعرفة .

لان هذا النادي تجاوز اختصار فكرة كاتب يجلس خلف طاولته وناقد يشرح ويفسر والحضور…

ابراهيم البليهي

رغم أن مجتمعات الشرق: سنغافورا وهونج كونج والصين وتايبيه وكوريا الجنوبية وفيتنام والنمور كلها قد تمكنت الآن من الافلات من قبضة التاريخ ودخلت في منافسة ناجحة مع الغرب إلا أن هذا الافلات جاء متأخِّرًا نسبيا …..

وتبقى الفلبين البلد الوحيد الذي يتميز أفراده بالكفايات المهنية بالانضباط والاتقان والطاعة لكن هذا المجتمع لم يوفَّق بقيادة سياسية…

محمد إدريس

 

احبك في زرقةِ البحر
وفي خُضرةِ الشجر
احبك في حُمرةِ الورد
وفي ضحكةِ القمر .

أحبك نِسمةً.
لعوباً ..
في تمايل الورود
أحبك لَحنا..
طروباً..
في تثني القدود
أحبك أغنيةً جذلى..
في عيون الصبايا ..
وعلى الشفاه ..
وفي الخدود .

أحبك أبعدَ مما تتخيلين ..
أحبك أكثرَ مما تتصورين ..
أكثرَ من قيس
وأكثرَ من كل المغرمين .

أحبك حين تنطقين
أحبك حين تصمتين
وإن ضحكت ..
يا الله ..
فلاً تنثرين ..
يا شذى الورد ..
ويا…