الاحترام ركيزة اساسيه لبناء المجتمعات وتقدمها:

خالد بهلوي

 

تلعب الأسرة والمدرسة والإعلام دورًا أساسيًا في غرس مفهوم الاحترام لدى الأطفال منذ الصغر. يمكن للآباء أن يكونوا قدوة لأبنائهم من خلال التعامل باحترام مع الآخرين.
وفي المدرسة، يسهم المعلمون في تعزيز هذه القيمة من خلال تعليم الطلاب أهمية احترام كبار السن والمرأة. أما الإعلام، فيمكن أن يسهم في نشر ثقافة الاحترام بين جميع أفراد المجتمع واحترام القوانين والأنظمة السارية.
يختلف تطبيق الاحترام وأهميته من مجتمع إلى آخر حسب ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده. ففي المجتمعات المتقدمة، يُحترم الصغير الكبير، وتُقدَّر المرأة ودورها في بناء المجتمع، كما يُحترم الجيران والمارّة في الشوارع العامة. على سبيل المثال، في أوروبا، لا يرفع أحد صوت التلفزيون بعد العاشرة مساءً احترامًا لجاره.
 وفي الماضي بمجتمعاتنا عند مرور جنازة في شارع عام، كانت جميع المحلات تتوقف عن البيع ويخرج أصحابها  يقفون اما باب المحل احترامًا للجنازة.
يشمل الاحترام أيضًا التزام الأفراد بالمواعيد، خاصة في المستشفيات أو العيادات الطبية، حيث إن الوقت المخصص هناك ملك للمرضى والمراجعين.
يتضمن الاحترام تقدير المسنين والاعتراف بدورهم البارز في بناء المجتمع وتقدير خبراتهم المتراكمة. ويشمل ذلك توفير الرعاية اللازمة لهم وضمان راحتهم وسلامتهم، بالإضافة إلى تلبية احتياجاتهم في مرحلة الشيخوخة.
كذلك، يتطلب احترام الأطفال توفير الرعاية والحماية اللازمة حتى يكبروا ويعتمدوا على أنفسهم. وتقع مسؤولية حمايتهم في المدارس على عاتق المعلمين، وفي الشوارع والحدائق العامة على الجهات المسؤولة عن تنظيم وإدارة المدينة.
يشمل الاحترام أيضًا الاعتراف بحقوق الإنسان، بما في ذلك احترام آرائه ومعتقداته، وممارسة طقوسه الدينية وحقوقه الاجتماعية بحرية، دون تهديد أو تمييز.
الاحترام يعزز قدرة الأفراد على التعلم من بعضهم البعض، حيث يتيح لهم تبادل المعرفة والخبرات ويضمن فعالية العمل الجماعي.
ويلعب دورا مهمًا في بناء الثقة بين أعضاء الفريق أو الحزب الواحد، حيث يتيح للأفراد الاعتماد على بعضهم البعض وتوزيع المهام بشكل فعال.
يمكن أن يؤدي نقص الاحترام إلى تفاقم النزاعات وزيادة التوترات داخل المجتمع. عندما يشعر الأفراد بأنهم غير محترمين أو مهدور دورهم في بناء المجتمع، فإنهم قد يلجؤون إلى العنف أو العدوان كوسيلة للتعبير عن وجودهم وحضورهم .
الاحترام يعزز المجتمعات التي تتسم بالتنوع الثقافي والعرقي والديني والقومي، مما يضمن التعايش السلمي والتعاون في خلق مجتمع شامل يشعر فيه الجميع بالاحترام والمكانة في بناء الوطن.
أما على المستوى السياسي، فيتجسد الاحترام في تقدير الأحزاب السياسية والالتزام بالسياسات الحكومية والقوانين التي تعمل لمصلحة الشعب، وليس لمصلحة فئة أو طائفة معينة. بالمقابل، على القيادة أن تحترم   مشاعر وعقول المواطنين وتلتزم بتنفيذ الوعود التي قطعتها قبل استلام السلطة.
احترام الآخرين يتجلى أيضًا في إعطائهم فرصة للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم دون مقاطعة، مع الاستماع إليهم بانتباه.
يُعتبر التدخين وتعاطي المخدرات تصرفات تعكس قلة الاحترام لصحة المدمن نفسه أولًا وصحة من حوله ثانيًا، بمن فيهم أفراد الأسرة.
الاحترام قيمة إنسانية سامية، وهو حجر الأساس في بناء المجتمعات المتحضرة. يعبر الاحترام عن التقدير المتبادل بين الأفراد والجماعات، ويجسد التزامًا أخلاقيًا يعزز التفاهم والتعاون بغض النظر عن اختلافاتهم الثقافية أو الدينية أو الفكرية. وهو يتطلب الاعتراف بأن لكل شخص الحق في التعبير عن نفسه ومعتقداته وأفكاره بكل أمان.
عندما يكون الاحترام جزءًا من ثقافة المجتمع، فإنه يشجع على تبني قيم أخرى مثل التسامح، العدل، والمساواة، مما يسهم في تحسين علاقات الجميع مع بعضهم البعض.
أما عبارات مثل (تعرف مع مين تحكي ) التي كانت تُستخدم في الماضي لإبراز التسلط الفردي والسلطة والهيمنة، فهي تتناقض مع مبدأ احترام الآخر وتقديره.
عندما يسود الاحترام بين الأفراد، تتحقق العدالة والمساواة، ويزدهر المجتمع في جميع جوانبه. لذا، علينا جميعًا أن نجعل من الاحترام نهجًا
و نعمل على نشر ثقافة الاحترام في ممارساتنا اليومية في المنزل، في العمل، وفي الشارع، لنُسهم في بناء مجتمع متحضر ولضمان مستقبل افضل لنا وللأجيال القادمة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سلمان إبراهيم الخليل
تبدلت ملامحي على دروب الرحيل
ثمة أنفاس تلهث خلف الذكريات
تركض خلف أسفار حزني المستدام
الأرصفة وحدها من تشعر بأنات جسدي
وهو يئن من لهيب المسافات

المطر الأسود ينهش في جغرافيا الروح
وهي تعزف للريح تراتيل الغربة
وأنا ألملم شظايا أحلامي بخرقة هشة
لأتوه في دهاليز المجهول

أمد نظري في الأفق البعيد
أمد يدي لمرابع الطفولة
انتظر لهفة أمي وأبي
لكن ما من أحد يصافح
لقد…

سيماف خالد محمد
كنتُ جالسةً مساءً أستمع إلى الأغاني وأقلب صفحات كتاب، حين ظهر إشعار صغير على شاشة هاتفي، كانت رسالة من فتاة لا أعرفها مجرد متابعة لصفحتي منذ سنوات.
كتبت لي دون مقدمات:
أنا أتابعك دائماً وأرى أنك تكتبين عن القصص الاجتماعية، هل يمكنك أن تكتبي قصتي؟ أريد أن يكتب أحد عن وجع طفولتي، ربما إذا قرأتها…

أ. فازع دراوشة| فلسطين

المبيّض أو كما يلفظ باللهجة القروية الفلسطينية، ” المبيّظ”. والمبيض هذا كريم الذكر لا علاقة له قدّس الله سره بالبيض.

لم أره عمري، ولكن كنت في أوائل الابتدائية (الصف الاول والثاني) وكان يطرق سمعي هذا المسمى، علمت أنه حرفي ( صنايعي) يجوب القرى أو يكون له حانوت يمارس فيه حرفته. يجوب القرى، وربما…

مسلم عبدالله علي

بعد كل مناقشة في نادي المدى للقراءة في أربيل، اعتدنا أن نجلس مع الأصدقاء ونكمل الحديث، نفتح موضوعاً ونقفز إلى آخر، حتى يسرقنا الوقت من دون أن نشعر.

أحياناً يكون ما نتعلمه من هذه الأحاديث والتجارب الحياتية أكثر قيمة من مناقشة الكتب نفسها، لأن الكلام حين يخرج من واقع ملموس وتجربة…