الشاعر السوري الكردي خضر سلفيج يطلق مجموعته الشعرية الأولى “النزيل بمعماره في التيه”

صدرت للشاعر الكردي السوري خضر سلفيج، المقيم في بريطانيا، مجموعته الشعرية الأولى بعنوان النزيل بمعماره في التيه، والتي صدرت عن دار لاماسو للنشر في السويد. يأتي هذا الإصدار بعد فترة طويلة من الانتظار من قبل محبي شعره والمتابعين لتجربته، التي تُعتبر جزءاً مهماً من المشهد الشعري الكردي في المهجر.

المجموعة التي يتجاوز عدد صفحاتها 125 صفحة، تضم  80 قصيدة تعكس عمق تجربة الشاعر في المنفى، الذي يراه شريكاً في عملية تشكيل الذات والوجود. سلفيج، الذي اختار الابتعاد عن النشر لسنوات، استطاع من خلال هذه المجموعة أن يقدّم للقراء صورة إنسانية عن ألم الشتات والبحث المستمر عن الهوية.

تتناول القصائد في المجموعة موضوعات تتعلق بالمنفى، الذاكرة، والحلم، بالإضافة إلى التأمل في العلاقة المعقدة بين الإنسان وأرضه. وتُظهر هذه القصائد أسلوب سلفيج الفريد، حيث يصوّر الذاكرة والتاريخ بكلمات مكثفة، تتراوح بين الرمز والواقع الحي. تتأمل القصائد في وجود الذات وحالة التشظي التي يمر بها الكردي في الغربة، مع التأكيد على صعوبة استعادة الهوية في ظل الفقد المستمر.

في إحدى قصائده التي تحمل في طياتها تأملات مريرة في المنفى، يقول:

“في المنفى
يَعْثُرُ الغريبُ
على جسدٍ
كان قد تَفَجَّرَ منه”

ويواصل سلفيج استكشاف الصراع الداخلي والتحديات النفسية التي يواجهها المنفي، مع تسليط الضوء على مشاعر الغربة والضياع. كما تطرق في بعض القصائد إلى صور مأساوية عن التشتت والاغتراب في بلاد الغربة، مثل قوله:

“رَأَيْتُهُ ذاتَ ليلةٍ نائمًا فوقَ عتبةٍ
مُتَوَسّدًا كَمَنجَتَهُ
ذاك الفتى الأسمر
يأخذ أوتاره إلى الماضي
وكل شيء يشعُّ من فرط الألم.”

المجموعة الشعرية “النزيل بمعماره في التيه” تعد خطوة لافتة في مسيرة خضر سلفيج الإبداعية، حيث تقدم للقراء نافذة جديدة على تجربته الخاصة ومعاناته كمنفي، بالإضافة إلى تأثير تلك التجربة على أشكال الشعر المعاصر. سلفيج الذي عمل في إذاعة صوفيا في بلغاريا وأستاذاً جامعياً في الجامعات البلغارية، استطاع أن يقدّم الشعر الكردي باللغة العربية بأسلوبٍ مبتكر، ما يجعل هذه المجموعة إضافة  مهمة.

وبهذا الكتاب، يضع سلفيج حجرًا جديدًا في بناء الذات الكردية في المنفى، وينقل تجربته الشعرية التي هي شهادة على صمود الإنسان الكردي أمام تحديات الغربة والشتات.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…

 

 

صبحي دقوري

 

حكاية

 

كان “دارا” يمشي في شوارع المدينة الأوروبية كما يمشي غريبٌ يعرف أنه ليس غريباً تماماً. العالم لا يخيفه، لكنه لا يعترف به أيضاً. كان يشعر أنه ككلمة كورديّة ضائعة في كتاب لا يعرف لغتها. ومع ذلك، كان يمشي بثقة، كما لو أن خطواته تحمل وطأة أسلافه الذين عبروا الجبال بلا خرائط.

 

في تلك الليلة، حين…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسْكِي

 

دُرَّةُ البَحْرِ وَالنُّورِ وَالقَمَر

دُرَّةٌ فِيكِ الشَّوْقُ اعْتَمَر

كَيفَ أُدَارِي نَظَرَاتِي

وَأَنْتِ كُلُّ الجِهَاتِ وَالنَّظَر

***

أَنْتَظِرُ أَنْ تَكْتُبِي وَتَكْتُبِي

أَشْعُرُ بَيْنَنَا نَبْضَ قَلْب

بِحَارٌ وَمَسَافَاتٌ وَأَقْدَارٌ

وَحُلْمٌ بَيْنَ أَطْيَافِهِ صَخَب

***

دَعِينِي أَتَغَزَّلْ وَأَتَغَزَّل

فِي عَيْنَيْكِ سِحْرُ الأَمَل

مَهْمَا كَانَ النَّوَى بَعِيدًا

أُحِسُّ أَنَّكِ مَلِكَةٌ لَا تَتَرَجَّل

***

دُرَرٌ فِي بَحْرِي كَثِيرَةٌ

لَكِنَّكِ أَجْمَلُ الدُّرَرِ الغَزِيرَةِ

أَقِفُ أَمَامَ الشَّاطِئِ

لَعَلَّ مَقَامَكِ يَتَجَلَّى كَأَمِيرَةٍ

***

أَنْتِ مَلِكَةُ البَحْرِ وَالجَمَالِ

لَا يَصْعُبُ الهَوَى وَالدلالُ

لَوْ خَيَّرُوكِ…