تحت رماد الزمن

يسرى زبير 
أرهقتني السنين، وغابت عني الأيام،
والحياة تسير بلا هوادة نحو عالم مجهول.
واحاتٌ تردد أصداء أرواحٍ،
من كانوا يومًا على قيد الحياة.
كضمير العمر، لا تلتقي آهات الأعماق بشجونها،
تدوي الروحُ ببلسم هشّ،
لكنها تحمل في جوفها زوبعةً من دخان،
ضجيجها يملأ عالم الأوهام،
وأحلامها ترنّ كأجراسٍ في معابد الكهنة.
رمسيسُ وسيتي، جبابرة الماضي،
اليوم مُحنّطون، مجمّدون كأصنامٍ لا صوت لها،
بعد أن حكموا العالم بجبروتٍ لا يرحم.
هل يشعرون بما يدور حولهم من الأنام؟
أين صرخاتهم؟ أين أحكامهم؟
أين ما خُطّ في مضاجعهم من ظلمٍ وهوان؟
ليتهم ينهضون من سباتهم،
ليروا كيف ثارت الأرض وانتفضت.
لكن الزمن لا يعيد من أسرتهم الأيام،
كما لا يعيد من أحرقته نيرانها.
دارت بكم رحى الزمن،
وتثور اليوم براكين الغضب في جأشنا،
بين مآثر الأمس وأشجان الحاضر.
نحن أيتام العمر،
لا نملك حياةً ثانية،
ولا وعدًا بالنجاة من زوبعة التاريخ.
الحياةُ محطةٌ واحدة،
بحرٌ لا يهدأ ولا يرحم،
تتلامس أمواجه بالروح،
وتنسج للعمر خيوطًا متشابكة.
وفي عمق هذا البحر،
تبقى الحقيقة الوحيدة:
الحياة لا تمنحنا إلا الرحلة،
أما الخلود، فهو وهمٌ لايعود.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد جميل محمد

في وظيفة اللغة والكلام

لا تخلو أيُّ لغةٍ إنسانيةٍ من خاصّيةِ المرونةِ التي تجعلها قابلةً للاستخدام ضمن جماعةٍ لغوية كبيرة أو صغيرة، وهي خاصيّة تعكِس طواعيةَ اللغةِ، وقدرتَها على التفاعل مع المستجدات، بصورة تؤهّلها لأن تُستخدم في عملية إنتاج الكلام بيسر وسهولة، متوسِّلةً عدداً من الطرائق التي تَـزيدُ اللغة غِنىً وثراءً، ويمكن أن تتمثل…

عصمت شاهين الدوسكي

 

لَنْ أعُود إلَيك

لو رُوحِي بَينَ يَدَيك

لَنْ أعُودَ إلَيك

إنْ بَكَيتُ العُمر عَليك

كُنْتَ في المَاضِي شَهْداً

وَالأمَل فِيكَ رَغْداً

وَالآنَ كًلُ الألوان لَدَيك

أمْضَيتَ بَين الشِفَاه رِيقاً

كَأنَ رِيقَكَ عَقِيماَ فِيك

****

لَنْ أعًود إليك

لَو مَرْهُون فِيْك الأمَل

لَنْ أعود إليك

لَو حَياتِي فِيكَ عَسَل

الفَرقُ كَبيرٌ

بَيَنَ الوادِي والجَبَل

شَتانَ بَينَ الحب وَالظِل

****

لَنْ أعود إليك

أنْ عُدْتَ مَعَ الأحْلام

وَإنْ كَانَتِ الأحْلام رَهْن الكَلام

لَنْ أتَوَسَل مِنْكَ أنْ…

إبراهيم أمين مؤمن

ثماني سنوات مضت، تحوّلت خلالها الرحلة إلى صراعٍ صامتٍ بين الإنسان والفضاء. في أعماق اللاشيء، كان جاك يحدّق في اتساع الكون أمامه، حيث قطع حتى الآن 80% من المسافة نحو هدفه المستحيل: الثقب الأسود.

الشراع، ذاك الهيكل المعدني العائم، يمضي في طريقه بثبات، موجّهًا بحساباتٍ دقيقة من مختبر الدفع النفاث، حيث يجلس العلماء خلف…

غريب ملا زلال

عمران يونس، حكاية تشكيلية لا تنتهي، نسمعها بصريًا دون أن يراوغنا بمنطق اعتيادي. حكاية نتابعها بشغف “شهريار” لـ”شهرزاد”، وهي تسرد حكايتها كل ليلة. ولكن هنا، مع يونس، نحن أمام مدىً للعمق الإنساني الموجع حتى نقيّ الروح. لذلك، نجد مفردات الموت، الوحش، القتل، اللاإنسان، الخراب، القساوة، الجماجم، والقبور تفرض ذاتها في…