“تمشيط الغابة”: إصدار جديد يكشف جوانب غير تقليدية من حياة دريدا

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب تمشيط الغابة.. في السيرة الذاتية وعنها، للفيلسوف الفرنسيّ الشهير جاك دريدا (19302004)، من ترجمة وإعداد وتقديم الباحث السوريّ إبراهيم محمود.

يبدأ الكتاب بمقدمة حول السيرة الذاتية عند دريدا، ويُعالج ثنائية “الأنا” في السيرة الذاتية، وعلاقة الكتابة بالهوية الشخصية. ويتطرق أيضاً إلى موضوعات مثل الختان كعلامة جسدية وثقافية، والشعور بالموت، وأثر الطفولة على تشكيل الهوية. ويناقش مفهوم التفكيك وعلاقته بمراحل الحياة المختلفة، ويستعرض آراء دريدا حول مسائل فلسفية ودينية معقدة مثل العنف الجامعي واللاهوت السلبي.

يُعدّ هذا الكتاب إضاءة جديدة على جوانب غير تقليدية في سيرة دريدا الذاتية، ويتناول من خلاله موضوعات عميقة ومعقدة تتعلق بالهوية والتفكيك والذات. ويبرز جوانب عدة من حياة دريدا الفكرية والشخصية، حيث يتناول تجربته مع الموت، والختان كطقس ثقافيّ ودينيّ، وأثر الطفولة على تشكيل الهويّة.

ويتعمّق في استكشاف الجوانب الخفيّة للسيرة الذاتية لدريدا، حيث لا يكتفي بمجرّد سرد الأحداث الحياتية، بل يُعنى بتحليل التجارب الشخصية وتأثيرها على تطور فكره. يطرح دريدا من خلال الكتاب تساؤلات حول مفهوم الأنا وكيفية تشكيلها عبر مراحل الحياة المختلفة، ما يمنح القارئ نظرة عميقة على العلاقة بين الذات والكتابة.

يولي “تمشيط الغابة” اهتماماً خاصّاً لفترة الطفولة وتأثيرها في تكوين الهويّة، مُبرزاً كيف أنّ التجارب المبكرة تُشكّل أساساً لفهم الذات وتحديد المسار الفكريّ للإنسان. ويستعرض كيف أن أحداثاً معينة في الطفولة يمكن أن تترك بصمات دائمة على الوعي والفكر.

يتطرّق الكتاب بعمق إلى مفهوم التفكيك، الذي يُعتبر من أهم إسهامات دريدا في الفلسفة الحديثة. ويوضح كيف يمكن استخدام التفكيك ليس فقط كأداة لتحليل النصوص الفلسفية، بل كوسيلة لفهم الحياة اليومية والتجربة الإنسانية بشكل أعمق. حيث يعرض دريدا في هذا السياق رؤيته الفلسفية لعلاقة الفرد بالعالم من خلال عدسة التفكيك، ما يفتح آفاقاً جديدة للتفكير.

يتناول الكتاب موضوع الختان من منظور فلسفي، حيث يُحلل دريدا هذا الطقس كعلامة جسدية وثقافية تحمل دلالات عميقة تتعلق بالهوية والانتماء. يوضح الكتاب كيف أن هذه العلامة الجسدية تُمثّل جزءاً من هوية الفرد، وتكشف عن تقاطعات معقدة بين الجسد والثقافة والدين.

“تمشيط الغابة” رحلة فلسفية أدبيّة عميقة داخل عقل وفكر جاك دريدا. ومن خلال هذا الكتاب، يُمكن للقارئ أن يتعرّف على الجوانب المختلفة لشخصية دريدا، وأن يلمس التوتّرات والصراعات التي شكّلت رؤيته للعالم.

يمثل “تمشيط الغابة” إضافة نوعية للمكتبة العربية، ويفتح نافذة على فهم أعمق لشخصية دريدا، من خلال تحليل علاقته بالهوية واللغة والكتابة، ومن خلال دمج العناصر الفلسفية بالتحليل الذاتي، حيث يُقدم دريدا قراءة فريدة لنفسه، وهو دعوة للقارئ للدخول في حوار مع دريدا، للتفكير معه في مسائل تتعلق بالوجود، والهوية، والتجربة الإنسانية.

جدير بالذكر أنّ الكتاب يقع في 356 صفحة من القطع الوسط، ولوحة الغلاف للفنان التشكيلي خضر عبد الكريم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…

سندس النجار

على مفارق السنين
التقينا ،
فازهرت المدائن
واستيقظ الخزامى
من غفوته العميقة
في دفق الشرايين ..
حين دخلنا جنائن البيلسان
ولمست اياديه يدي
غنى الحب على الافنان
باركتنا الفراشات
ورقصت العصافير
صادحة على غصون البان ..
غطتنا داليات العنب
فاحرقنا الليل بدفئ الحنين
ومن ندى الوجد
ملأنا جِرار الروح
نبيذا معتقا
ومن البرزخ
كوثرا وبريقا ..
واخيرا ..
افاقتنا مناقير حلم
ينزف دمعا ودما
كشمس الغروب …

خلات عمر

لم تكن البداية استثناءً،,, بل كانت كغيرها من حكايات القرى: رجل متعلّم، خريج شريعة، يكسو مظهره الوقار، ويلقى احترام الناس لأنه “إمام مسجد”. اختار أن يتزوّج فتاة لم تكمل الإعدادية من عمرها الدراسي، طفلة بيضاء شقراء، لا تعرف من الدنيا سوى براءة السنوات الأولى. كانت في عمر الورد حين حملت على كتفيها…

عصمت شاهين دوسكي

* يا تُرى كيف يكون وِصالُ الحبيبةِ، والحُبُّ بالتَّسَوُّلِ ؟
*الحياةِ تَطغى عليها المادّةُ لِتَحُو كُلَّ شيءٍ جميلٍ.
* الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌِّ آدابِ العالمِ.

الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌ مجدِّ آدابِ العالَمِ… يَتَفَوَّقُ هُنا وَهُناكَ، فَيَغدو ألمانية الشَّمسِ… تُبِعِثُ دِفئَها ونورَها إلى الصُّدورِ… الشِّعرُ خاصَّةً… هذا لا يعني أنه ليس هناك تَفَوُّقٌ في الجاوانبِ الأدبيَّةيَّةُِ الأخرى،…