خالد ابراهيم
أنتم يا أيها العالم
الذين تقرؤونني الآن
والذين ستشمتون لاحقًا
لا تبكوا عليّ… ولا تضعوا الورود على قبري.
إذا مُتُّ…
فلا تبنوا قبري في الهواء النقي.
ازرعوه في الزحام
عند زاويةٍ تنكّرت للعابرين
حيث يمضي الوقت بلا معنى
ويغفو الضجيج ككلبٍ قديم.
لا حاجة لحجرٍ يشهد
فالتراب أصدق من الرخام
والأثر لا يُحفظ بالنقش
بل بالنسيان.
اتركوا معي أشيائي:
الكوب المكسور من طرفه
غوري الشاي المحروق من قاعه
علبة كبريت أنفقت كلّ شراراتها
سيجارةً نصفها رماد
نصفها انتظار.
دفترًا أبيض
قلمًا عضّه القلق
زجاجات عطرٍ فرغت منذ أعوام
وما زالت تهمس بشيءٍ لم يفهمه أحد.
وأولئك الذين جاؤوا ( أطفالي )
ثم رحلوا قبل أن يكتمل النداء
لا تذكروهم
فقد كانوا ومضةً في ليلٍ غارق
وكانوا لي
كما تكون الفكرة لورقةٍ لم تُكتب.
أما عشيقاتي المليون
فلا تكتبوا أسماءهنّ
كلهنّ مررن مثل نَفَسٍ على زجاج
تركن أثرًا
ثم تبخّرن مع أوّل شمس.
لا واحدة بقيت
لكن لكل واحدة
ظلٌّ ما زال يتحرك في الغرفة.
لا تنظروا خلفكم
ولا تسألوا عمّن كان
فكلّ من يمشي في العتمة
يترك ظلّه في الضوء.
ولا تكتبوا اسمي
فالاسم سحاب
والهواء لا يُمسَك.