صدور كتاب «طابق علوي» للكاتب الكوردي ميران أحمد

صدر حديثاً عن دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، كتاب نصوص شعرية بعنوان (طابق علوي) للكاتب الكوردي السوري ميران أحمد، والذي يخوض من خلال كتابه هذا رحلة ذاتية روحانية في مواجهة هذا العالم الصخب.

يقع الكتاب الجديد في مائة صفحة من القطع المتوسّط، ويضمّ ثلاثة أقسام بنصوص لم تحمل أي عناوين ثابتة، تنتمي فنيّاً إلى شعر التفعيلة، رسم لوحة الغلاف الكاتب نفسه باعتباره فناناً تشكيلياً.

يوضح الكاتب السوري أن «طابق علوي» هو كتاب لا يصرخ  بل يهمس نصوصه، وأنه ليست مجرد صفحات تُقرأ بل نوافذ تُفتح على أرواح متعبة، مضيفاً: «هو اعتراف متأخر لدفتر ملاحظات رجل ظل يكتب كي لا ينهار بصمت، في هذا الطابق، لا شيء منظم، لا شيء نهائي، الحنين فيه لا يطلب الشفاء بل يريد أن يُعاش كما هو، متلبساً بالحيرة والتعب والحب، الذي يشبه الغياب، الكتاب يدور في فضاء شخصي جداً، لكنه بطريقة سحرية يتحدث عن كل من جلس في غرفة ضيقة، وسمع قلبه يتحدث بصوت لا يسمعه أحد».

ويردف: «أنا لم أختر الموضوع، أنا فقط سمعت الخطى، كنت أعيش في عزلة مزدوجة، عزلة المكان وعزلة المشاعر، هناك في الطابق العلوي، حيث كل شيء مؤقت، كانت الأفكار تتسلل كما يتسلل الهواء البارد من شقوق النوافذ القديمة، وما شدني هو هذا الصراع بين البقاء والاختفاء، بين أن تُرى وأن تذوب، كنت أكتب لأن الصمت بدأ يخيفني، وكنت أكتب لأني لم أعد أثق بالكلمات التي تُقال بصوتٍ عالٍ  هناك في ذلك الطابق، وجدت أن أكثر ما فينا صدقاً هو ما لا نستطيع قوله إلا حين نكتب».

وأوضح مصمم الأغلفة الكوردي أن الألم ليس عدواً، إنه رفيق السفر الذي لا نحب وجوده، لكنه يعرف الطريق أفضل منا، موجهاً رسالة للكتّاب: «أقول للكتّاب لا تهربوا من جراحكم، اكتبوا منها، لا تجمّلوها، لا تغلفوها بالحكمة المصطنعة، دعوها تنزف بصدق؛ فالحب حين يُكتب لا يجب أن يكون كاملاً بل حقيقياً، فالأدب لا ينقذ أحداً، لكنه يمنحنا خريطة لنعرف أين نحن في هذا التيه الكبير، اكتبوا كما لو أن أرواحكم على وشك أن تُنسى، واتركوا على الورق أثراً منها، حتى لو لم يقرأه أحد… أنتم قرأتموه وهذا يكفي».

ومن أجواب الكتاب:

ألفُ مرّةٍ خُذلْتُ

خذلَتْني طرقاتٌ سريعةٌ

وإشاراتُ مرورٍ تسابقُ الزمنَ

خذلَتْني أنهارٌ وغاباتٌ

خذلَني صديقٌ

رحلَ مع الموتِ في نزهةٍ،

ولم يعدْ

ولم يأخذْني معه.

تلكَ السكينةُ

جندي الحدودِ

الطابقُ الثالثُ وسلكُ الكهرباء

كلُّهم خذلوني.

خذلَني كتفُك

خدُّك

وحضورُك المسكون بالرحيل

خذلَني يداك وجمالُك

خذلَني الطابقُ العُلويُّ مرّاتٍ ومرّات.

يذكر أن ميران أحمد هو كاتب وفنّان تشكيلي كوردي سوري، مقيم في إنكلترا، يعمل في مجال الديزاين. من مواليد مدينة كوباني. لم يكمل تعليمه؛ بسبب اندلاع الحرب في سوريا. من إصداراته باللغة الكوردية:

– Neyê:

الصادر عن دار (NA) للنشر والطباعة والتوزيع، 2019، إزمير.

– HILMA TE JI QIRIKA MIN TÊ:

الصادر أيضاً عن دار (NA) للنشر والطباعة والتوزيع، 2024، إزمير.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…