إبراهيم محمود
إلى متى سنعترف للحجر الصوان
أننا أكثر قسوة منه بما لا يقاس
لنرى هذا المريع بصلابته النازفة كراهية قاهرة
لنضع أيدينا على تلك الشرارات التي تطلقها ذاكرتنا المقدامة
إلى متى سنقدم اعتذاراً لهذا لمسمى وحشاً خارجاً
أننا أكثر إراقة دماء وافتراساً يسمياننا
أكثر من مخالبه وأنيابه التي تظهران عند الضرورة القصوى
لنعاين لا ما يحصى من المخالب والأنياب التي نفعّلها هنا وهناك على مدار الساعة
ونحن نكبّر ” الله أكبر “
ونحن على سجادة الصلاة
ونحن نرتل القرآن ترتيلاً
لنقف على حقيقة هذا الكائن الدموي الذي اشتهيناه اسماً معلوماً لنا وبنا
إلى متى سنعلِم النار بذاتها
أن متعة حرق الآخر حياً، وهو جارنا وقريبنا
لا صلة لتلك النار بهذا الحريق الذي نبقيه مهلكاً مدمراً لكل شيء
أن هؤلاء الذي نسكر برؤيتهم متفحمين شهود عيان على بطشنا الحارق المحرق
إلى متى سنخبر المعدن بأشكاله كافة
أن هذه الأدوات التي صنعناها منه للتمثيل في الآخر
بريء هو المعدن منه
نحن من أردناه كذلك
نحن من أبقيناه واجهة رهيبة تخفي جبننا الكوني
لنكتشف جورنا في كل ما حولنا
إلى متى سنصرّح للسكين ومرادفاتها أننا نحن من أردناها منفّذة عنف مميت تعنينا
أنها أبعد من أن تكون لتقليم شجرة حياة
لإعداد وجبة طعام بنار المحبة الدافئة
لوقود يهتز له صلب الجماد نفسه طرباً
لتدرك الحياة أنها جديرة أن تبقى معطاءة كما هي حاضنتها الطبيعة
إلى متى … إلى متى ..
يا أيها الماضون بأحقادهم إلى نهاية أحقادهم المعراة من كل قناع
يا أيها الغارقون في عريهم المسموم
يا أيها العميان بكل حواسهم وفي كل انتماءاتهم اللغوية واللهجوية والعصبوية
في نسبهم النفاج المعزَّز بتلغيم كوني
يا أيها الغافلون عن ظلهم الصارخ بصمت فيهم
يا القابعون في أقبية شهواتهم المتعاظمة في دمائهم المستنقعية
يا أيها المجبولون بكل أصناف الكراهيات فيما هم عليه رعباً
لا أسمي أحداً
وأسمي كل أحد يرتدي ولو بقية ضغينة
ولو أن لديه ملمساً من كراهية
ولو أن لديه سخرية عابرة من نملة تتنفس سكينتها
وأسمي كل هؤلاء الذين يثملون برؤية الآخر مذبوحاً
مقطَّع الأوصال
صارخاً ألماً
ممثلاَ فيه
هم أنتم هؤلاء الذين تراق دماؤهم
أو تسفَك دماؤهم حصاد كراهية مدرَّبة
أو يُجرّون من أعقابهم
أو توجه غرائزهم المرعبة نحو نساء يخصبن الحياة
ليخصبوا فيهن بطشهم وقيء وجداناتهم
في فتيات لم يتنفسن الحياة في طلعتها الأولى
في صغار يتألقون براءة
إنهم أنتم وليس خلافكم أيها السفلة في ضمائرهم
إنكم أنتم حيث تسلكون الطريق الذي يمضي بكم
إلى حيث يترقبكم مصير صادم
باسم أي ” فتح ” وهو ذبح
باسم أي ” غنيمة ” وهي جريمة
باسم أي ” جهاد ” وهو جرْف للبلاد والعباد
باسم ” قسَم ” يُستبَد فيه بالعلَم
باسم ” وطن ” وهو لاسْمه نفيه
باسم ” جغرافية ” باتت نأيه عما يُسمّيه
وساكنيه نعيه
باسم إله اعتزل سدرة منتهاه
بدم الإله تسممون حياة بالجملة
أنزلتم الوردة من علياء عبيرها
لتغطوا على نفاثات لحاكم الموبوءة
صرفتم أنهاراً بكاملها عن طيب معشرها المائي
وفي أرواحكم يشتعل تاريخ يخجل من اسمه فيكم
أيها الـ..المدججون بالدسائس المطهمة
الحاملون لليال من رصاص وخردة وبائية محتوىً
إنها الحياة التي أصابها الخرس
هوذا تسمُّم السماء
إسهال الأرض
وطن مفرقعات في هواء هستيريا متوجين بعري فاضح فيهم
أي جائحة وقحة تشد الاثنتين إلى صعقة واحدة
في رعب ما أنتم تستحمون به نذالة وجهالة وعطالة تفكير
إنه الوطن الذي يُسمّى بكم جميعاً
فأي وطن تعدون به
والأرض والسماء مستباحتان صوتاً وصورة
وحده الصمت يتلبسه هولُ الموجود والمردود !!