عبدالعزيز قاسم
من الشائع في كثير من اللغات العالمية إستخدام صيغة الإحترام (أنتم): حينما تتكلم مع شخص كنوع من الاحترام للمخاطب؛ لمنصبه أو لكونه طاعن ٌ في السن كما في اللغة الألمانية وبعض اللغات الأخرى؛ وربما يشكل هذا العرف معضلة بالنسبة للاجئين في ألمانيا، وبالرغم من الصعوبات الجمة التي تواجهني شخصياً لتعلم تلك اللغة المذكورة؛ ولقد إستنبطتُ فيها المزيد من مفردات وصيغ الإحترام واللباقة تماماً كما في اللغة الكردية (المهمشة)٠
لقد أدركت وبالصدفة ومن خلال الموقع العالمي google أن اللغة اليابانية تحل في الصدارة وتليها الألمانية من حيث تواتر صيغ الإحترام وإشارات الترحاب ففي الألمانية فلا يقتصر الأمر على المحادثة فحسب بل تتعداها لتشمل الكتابة والمراسلة وسواهما؛ من خلال سرد الكلمات والضمائر الدالتين على المكانة والإحترام بحرف كبير وعدا ذلك فتتعدى تلك الصيغ آنف الذكر في المحادثة المباشرة لتشمل تعابير الوجه وقسماته كالإبتسامة ونبرة الصوت الهادئ؛ ولا يخلو المجتمع الكردي كسائر المجتمعات من ألفاظ ٍ لغوية ٍ وإيماءات ٍ وتعابير ٍ ومترادفات ٍ وقسماتِ وجه ٍ أو إشاراتٍ تشمل بعض حركات الجسد كالرأس أو اليدين ِ الدالتين على الإحترام٠
واستنادا على google وحسب استطلاعات في هذا الجانب؛ نرى أن اليابانيين مهتمين أكثر من غيرهم بالحفاظ على أن تبقى لغتهم في موقع الصدارة، وحسب بعض الاستطلاعات فإنّ هناك حالة من القلق ينتابهم ومرده؛ تراجع تداول لغة تتضمن رسالة احترام للمتلقي وكذلك عدم تمكن الشباب الياباني ممارسة ذاك العرف الاجتماعي المتداول بالشكل الذي يُرجى.
وعلى سبيل المثال فهناك إشعار رسمي من الحكومة اليابانية ومفاده:” فمن وجهة نظر واحدة؛ لا يتعلم الجيل القادم لغة الإحترام كما ينبغي؛ أو أسوأ من ذلك أنها تُعلم ُ بطريقة مُشوّهة تنكسر فيها القواعد التقليدية من خلال الكتالوكات والتدريب اللذين تُقدمهما شركات كبرى توظف عمالاً شباباًفي مناصب مؤقتة يُطلق عليها «bait To keigo» ولغة إحترامية مؤقتة.
“ولهذا أقدمت الحكومة اليابانية بالطلب من المتاجر الضخمة وسلاسل مطاعم الوجبات السريعة أن تُعلم موظفيها في أنحاء اليابان من تداول واستخدام عبارات الاحترام والترحاب”.
وأما بخصوص اللغة الكردية فلا تخلو بدورها وكغيرها من اللغات من صيغ الإحترام وإشارات الترحاب فهناك الكثير من الصيغ آنفة الذكر والتي تدل على إحتفاء الرجلِ بضيفه أو بخلانه أو بالطاعن في السن والشيخ وبالنساء والأطفال وهي تنبع من الطبيعة الأجتماعيه والدهور التي مرت على الكردي فهو لم يعرف المدن إلا مؤخراً ولهذا صقل على الكرم والجود ونبل الخلق بعيداً عن إرهاصات المجتمع المدني وسلوكياته ٠٠٠ وبغيض من فيض فعلى سبيل المثال لا الحصر، فهناك العديد من الأدبيات الشعرية والقصائد لـ(ملايي جزيري)، (أحمدي خاني) و(فقي تيران)؛ وكذلك في الأغاني الكردية والمواويل والاهازيج ما تدل على صيغ الاحترام عند الكرد، وهي لا تقتصر في المحادثة والأدب الشفهي وإنما تمتد للتدويني؛ فالجملة الكردية ذات فعل الأمر غالباً ما تبدأ بعبارات إحترامية مثل:
Ji kerema xwe
Bê zehmet
Bi xêra xwe
Bila xêra tebî …
وفعل الأمر (فعل طلبي لغة)
karê daxwazî
و كما يبدو لي وأنه ولقلة وجود مختصين لغويين أو لأسباب ودوافع سياسية ولحالة القمع والسياسات الشوفينية، العنصرية للأنظمة المحتلة والغاصبة لكردستان في التعامل مع الشعب الكردي بالشتائم والعبارات النتبية وحالة عدم الإعتراف بالكردي والإنكار الوجودي والتعصب الأعمى وغير المنطقي والتبريرات الواهية تجاه الكرد، قد خلق رّدات نفسية أثرتْ على النخبة الكردية المثقفة وأمتدت لّلغة، حيث نالتْ نصيباً من (رّدات التطرف) اللغوي، إلى درجة استخدام بعض (الشعراء والفنانين الكرد الجدد) بعض العبارات الفوقية عند المخاطبة وصلت لحد التقليل من شأن قومهم وتصغيرهم! ولعلها ظاهرة في عبارات وكلمات مثل:
(bibin yek, kurdo, kurdino, ….)
إن من إحدى مهمات الأدب هي إبراز وإظهار مكامن القوة للّغة وهي إحدى مهام الأدباء ومنهم الشعراء، فعليهم يقع العبء الأكبر في الإهتمام بجمالية اللغة وإبرازها، من خلال صيغ وعبارات وألفاظ الإحترام للمتلقي، سواء أكان ضيفاً أم عابر سبيل أم طلباً وسؤالاً أو فعلاً طلبياً يستدعي الأمر… وتلك الصيغ موجودة في لغتنا بلا شك مثل عبارات:
(Belê, Libê, libê şêrîn, Bê zehmet, Ji kerema xwe re, Bibûre, şev baş, şev şad, Roj baş, Oxir bê, pîroz bê ,… )
وكما أسلفت في متن المقال فصيغ الإحترام من الرجال والأكبر سناً للصغير يتعدى إسلوب (العطف) ليشمل النساء وصغار السن في المخاطبة، وكما هو دارج فالصغير يحترم الكبير والكبير يعطف على الصغير والنسوة يتلقين نصيبهن من العطف والإحترام للكبار ومن تلك الصيغ:
Bapîro, Mamo, mamê, ça minê.
Xwîşkê, yadê, Metê, …
وفي المحادثة والكتابة يتم تقديم السيدات على السادة:
Jin û mêr …
Xwîşk û bira …
Keç û kurr ….
وفي طقوس الأعياد والمناسبات وإظهاراً لاستقبال الضيوف والمهنئين كانت نسوة الكرد قديماً ولاحقا ًيقمنْ بتقبيل كتف الضيف أو رأسه، حينما يكون الضيف طفلاً أو صغيراً بالسنِ… ومن الطبيعي أن تمتد جمالية اللغة لميادين الأعمال والحرف، فتحية العامل والكادح أو الفلاح لا يخلو من جمالية في العبارة ورقة في اللفظ كأن يُقالْ:
(Mam qewet bê!, xudê qewetê bide te, Rehma Xudê li dê û bavê te, tu sax bê, Emir dirêj bê mam!)
إن مهمة إظهار وإبراز مكامن القوة وجمالية اللغة تقع وبلا شك على كاهل المختص باللغة؛ كالأديب أو الشاعر والقاص أو الباحث اللغوي او حتى السياسي، الكردي لانه بحاجة إلى تلك المفردات أكثر من غيره ولدور هذه المفردات في الحوار وصناعة الدبلوماسية؛ فاللغة الكردية؛ حيّة قاومت ْالإندثار رغم عوادي الزمن ولا تزال تقاوم وبتركيزنا على صيغ الإحترام وإشارات الترحاب وحتى لا نذهب بعيدا خارج موضوع المقالة أودّ أن أعرج على بعض الكلمات و العبارات الدالتين على الإحترام ومنها:
Spas(supas), memnûn, can, belê, libê, libê şêrîn, Qurban, Heyran, bijî, Dest xweş, sax bê, ser çava , ser sera, bi xêr û xweşî, Nosîcan bê, Oxir bê, pîroz ê, li ser xêrê bê…
وفي الختام أود القول أنه: على الأديب والعامة الإبتعاد قدر الإمكان عن الكلمات والعبارات السوقية والجمل الأمرية والفوقية وجعل لغة التخاطب مفعمة بأسلوب التهذيب وصقل النفوس ورسالة محبة وتوجيهاً نفسياً للمتلقي قبل أن تكون دعوةً للتحاور أو الترحاب…
ملاحظة: بعض المعلومات حول اللغة اليابانية من غوغل