هوشنك أوسي
أقسو على تلاميذي من أوراق الخريف.
لا أتركها لعنايةِ الرِّيح ِوعبثِ الطُّرقاتِ،
وأسفلِ جذوعِ الأشجار،
وأحوالُ لصقها بالأغصان التي سقطت مِنها.
***
الأغاني القديمة، أقسو عليها كثيرًا،
بترديدها كلّ مساء،
رافضًا دفنها مع صور العشيقات.
***
قبل أيّام…
قسوتُ على غيمة بأن رسمتها بالماء
على جدارِ منزلٍ طينيٍّ سَكنتهُ في الدّرباسيّة،
وهجرتُهُ إلى دمشقَ.
هناك، تعرّفتُ على غيوم أخرى،
تنبعثُ من حناجرِ العشّاقِ والسكارى والمقامرين،
وأرباب السوابق من باعة الخبر والسجائر على الأرصفة،
وباعة الموبايلات في “سوق الحرامية”.
قسوتُ على غيومِ دمشقَ،
بأنّ حولتها إلى قصائدَ تافهةٍ في دفاتر ثوّارٍ تافهين.
***
أنا قاسي القلب جدًّا،
قاسي العقل،
أمشي بخطى مجنونةٍ نحو حافاتِ النُّصوصِ القاسية.
أكفكفُ دمعَ حبيبةٍ،
وأفركُ نهدها الأيسر،
ألثمُ شفتيها بقبلةٍ لا ترحم، ولا تقسو.
أعِدُها باللقاء في القاهرة،
وأخلفُ وعدي معها في بيروت.
***
دعوني اعترف لكم…
جَبَلَني خالقي من طين القسوة.
وصاغني جملةً اعتراضيَّةً مفخخَّةً
تَعترضُ طريقَ النِّساء.
أقسو على نفسي، حينَ أحنُّ إلى نفسي.
تأبين نسائي مغادرتي،
وأرفضُ مسحَ تواقيعي وبصماتي على أجسادهن.
تقسو عليَّ المدن،
حينَ تحاولُ شطبَ أسماءَِ العشيقاتِ من ذاكرتي،
لأنَّني أحملُ بين أضلعي قلبًا قاسيًا،
كبتلاتِ شقائقِ النُّعمان.
قلبُ ذكر النّحَلِ حينًا،
وقلبُ ذئبٍ من مواليد برجِ الثَّورِ أحيانًا.
أنا شاعرٌ قاسي القلب،
لا أرحمُ نفسي،
وأشفقُ على أعدائي،
وعلى أصدقائي وصديقاتي؛
قساة القلوب، الذين يغادرونني
من دون رحمة.
29/11/2024
أوستند – بلجيكا