قيامة الأشجار

يسرى زبير

 

 

الأشجار عارية

تتراقص على أنغام الزوابع

تتمايل مع هبّات الريح

ثم تخبو تحت صليل الصمت.

 

أعشاش العصافير تتهاوى

كجريح ينزف في الهواء

تحمل بين هياكلها بقايا الريش

وآهات خرساء

تتأرجح بين الشمال واليمين.

 

أصوات الحزن تملأ الأفق

كنداء جريح على مشارف الرحيل.

زخات المطر تهوي

والأعشاش تتلاشى

كما تنهار الأحلام في عتمة الزمن.

 

تتمايل الأشجار

كما يميل الإنسان تحت ثقل الأوجاع.

الساحات خاوية

والأمطار ترقص أنغام الفقد

في حين تغيب الشمس

كمن يهرب من مرآة الحياء.

 

الأعشاش تطايرت

وساد النجوم السواد.

سديم السماء ينازع الأرواح

والقبور في سباتها

والشوارع تلبس ثوب الصمت.

 

أنا راقدة على النعش،

تحملني آهات الوجع.

الأشباح تتسامر

في رقصة الزفاف الأخير…

والأجواء تمزج بين الرفض والقبول،

ترسلهم تارة إلى السماء،

وأخرى إلى ظلال الوجود.

 

الوجوه الشاحبة تودع بالأنين،

وتراتيل المصلين

تحفر في النعش حكايات الأوجاع.

العيون الباهتة

تبكي صمتاً لا يُترجم.

 

تتراقص الأشجار،

والأرواح تطوف كأشلاء

تنهار مع الزوابع،

تُرسل تنهيدات الفقد

تائهة في فضاء الخلود.

 

هكذا نبقى بين نعش الأرض والسماء،

والأشجار ترقص،

والعصافير تبكي على أطلال أعشاشها.

 

تمضي بنا الأحزان

إلى خيال يختلط بالأمل،

والأرواح، في سكرتها،

تترنح بين الوجود والفناء،

منتظرة بصيصاً يلوح في الأفق…

نحو ميلاد جديد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

بدعوة من لجنة الأنشطة في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا، وبالتعاون مع ممثلية اتحاد كتاب كردستان، احتضنت قاعة كاريتاس اليوم١٧-٨-٢٥ في مدينة إيسن ندوة نقدية موسعة حول رواية “كريستال أفريقي” للروائي هيثم حسين.

أدار الندوة التي حضرها جمهور نخاوي من الكتاب والشعراء والصحفيين ومتابعي الأمشطة الثقافية
الناقد صبري رسول، وشارك فيها عدد من الأدباء والنقاد…

بهرين أوسي

تقف الأديبة الشاعرة الكردية مزكين حسكو في فضاء الشعر الكردي الحديث، شاهدة على قوة الكلمة في مواجهة تشتت الجغرافيا. جبل شامخ كآرارات وجودي لم تنل منه رياح التغيير القسرية.

شاعرة كرّست قلمها لرسم جماليات الهوية الكردية من منفى اختاره القدر، فنسجت قصائدها بلغة أمّها كوطن بديل يحمل عبق تلال كردستان ووجعها. كما تقول في إحدى…

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…