مصدق عاشور
عندما وُلدنا،
لم نُولد… بل نُفينا.
طُردنا من أول وطن،
من رحمٍ كان يسكننا أكثر مما كنّا نسكنه.
خرجنا كما يخرج المنفيّ من بلاده،
بلا لغة، بلا راية،
نحمل فقط بكاءً
كأنه بيان احتجاجٍ على العالم.
كان الرحم ضيقًا،
نعم،
لكنّه كامل.
لا جوع فيه ولا سؤال،
لا حدود،
لا أسماء تنزف،
لا زمن يسرقنا.
ثم جاؤوا بنا إلى الضوء —
ذلك الضوء البارد
الذي لم يَسأل أحد إن كنّا نريده.
وضعونا في حضن العالم
وقالوا: ها قد بدأت الحياة.
لكنّنا كنّا قد بدأنا الغربة.
منذ تلك اللحظة،
نحن نحمل خارطة لا مكان فيها،
نسير بلا جهة،
نحاول أن نعود إلى حيث لا عودة.
نبحث في الوجوه عن ظلّ أم،
وفي المدن عن رحم.
نُتقن لغات لا تشبهنا،
نحمل أسماء لا تشبه صمتنا الأول،
نحلم ببيتٍ لا يقع في هذا الكوكب.
نحن أبناء منفى،
نحاول كل يوم
أن نولد مجددًا —
لكن إلى الداخل.