عبدالرزاق عبدالرحمن
مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..
بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري
-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…
ألو أمي …أمي …
لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات للوراء…تحمل نعش زوجها الذي استشهد في ذلك التفجير الرهيب…
حاولت كثيرا أن تغيض دمعها ….دون جدوى …نزلت دمعه …دمعتان… الثالثة كانت بداية سيلا من الدموع …تمنت النحيب لكن خوفها على ابنها الوحيد الهارب خارجا خوفا من مصير مجهول منعهتا…ابنها الذي لم يبلغ من العمر عقدين…
-بني انتبه لنفسك يا عمري (قالتها وهي تقبل سماعة الهاتف مودعة إياه ،فلم تستطع أن تكمل),بينما الإبن مازال يردد :ألو …ألو…أمي …لم تأخرت بالرد علي …لما أقفلت الهاتف….؟،وبكى بكل حرقة….عادت الأم بقلب ملكوم ..قلب تجمعت وتراكمت فيه كل أشكال الحزم والألم ….ودنت من مهد ابنها الذي ربته فيه تهزه (تعودت ذلك كلما أحست بالحنين إليه)…وبدأت تدندن بحرقة:لوري …لوري…كوري من لوري….