فواز عبدي
هكذا تحرقني شمسُ المغيبْ
لا بحر يُطفئها
ولا ظلّ الغريبْ.
وقفتُ وحدي عند نهرٍ
غازلتْ أمواجُه وجعي العتيقْ
يا أيّها الراينُ
أما شعرتَ
بلهيبِ قلبي
والصمت المهيبْ؟
أتدري؟
كنتُ أعرف نهراً قبلك
أصغر من همسك
أنقى من ندف الثلج في عيني طفل
كان اسمه “نقاره”
وكان يغني!
لكنه الآن فيك غرق
ابتلعتَ ضحكته
وملوحةَ خبزِ أمي
وصهيلَ صباحاتي الصغيرة.
سنةٌ
تلتها سنون وانقضت
ومازلتُ أمشي
كأنّ الخطى لا تعرف الطريق.
هذا الغروبُ يرسمني ظلّاً
بلا وجهٍ
بلا صوتٍ
بلا صديق.
في كلِّ غصنٍ يابسٍ وجدتُني
وفي المدى
ضاعت ملامح غربتي في المبتدى.
ما كنتُ أدري أنَّ للمنفى وجوهاً
تشبه الأوطان
ولكنْ دون نبضٍ… أو صدى.
هكذا تحرقني…
شمسُ المغيب
تذيب في صدري الكلام
تُذكّرني بمن نسيتُ اسمه
وتعيدني لمدنِ الألم والسهام.
لكنني…
ما زلتُ أفتح للنهار يديّ
وأمشي نحو شمسٍ
تنفض رماد الحرائق عن نفسها
وفي الروح تستريح.