من القادة الكُرد الذين تولوا مناصب كبيرة في الدولة العثمانية بدمشق

علي شيخو برازي

گنج يوسف باشا الدوگريني الملّي ” كنج يوسف باشا “ والي الشام ١٨٠٧  ١٨١٠. وقد سميت دمشق في العهد العثماني بلواء ” شام شريف ” , وكانت تتألف من : 7 أقضية و1 ناحية و 59 مزرعة و 357 قرية في أواخر القرن التاسع عشر. أما ولاية الشام فقد كانت تضم السناجق ( الألوية) التالية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وفق سالنامه ولاية الشام الدفعة الأولى عام 1868: سنجق شام شريف – سنجق قدس شريف – سنجق بيروت – سنجق طرابلس – سنجق حماه – سنجق عكا – سنجق حوران وسنجق بلقا .  

كتب الجبرتي في كتابه ” تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار” في أحداث عام (١٢٣١ ه – ١٨١٦م) : ” ومات الوزير المعظم يوسف باشا المنفصل عن إمارة الشام وحضر إلى مصر من نحو ثلاث سنوات هارباً وملتجئاً إلى حاكم مصر وذلك في أواخر سنة سبع وعشرين و مائتين وألف وأصله من الأكراد الدكرلية ( دوگرين ) وينسب إلى الأكراد الملية ” .

قبل أن يصبح واليا كان دلي باشا في الشام أي كبيرا على جميع الخيّالة ثم تم عزل والي الشام عبد الله باشا العظم وتم تعيين يوسف باشا واليا على الشام مكانه.

كتب عن سبب عزله الجبراتي : ” لما ظهر أمره وأتته ولاية الشام فأقام العدل، وأبطل المظالم و استقامت أحواله وشاع أمر عدله النسبي في البلدان، فثقل أمره على غيره من الولاة وأهل الدولة لمخالفته طرائقهم، فقصدوا عزله وقتله, فأرسلوا له ولوالي مصر أوامر بالخروج فحصل التواني”

” في الشام استقام أمره وحسنت سيرته، وسلك طريق العدل في الأحكام، وأقام الشريعة والسنة وأبطل البدع والمنكرات واستتاب الخواطئ وزوجهن، وطفق يفرق الصدقات على الفقراء وأهل العلم والغرباء وابن السبيل، وأمر بترك الإسراف في المأكل والملابس، وشاع خبر عدله في النواحي، ولكن ثقل ذلك على أهل البلاد بترك مألوفهم.”

و كتب عنه محمد كرد علي في كتابه (خطط الشام: أن يوسف باشا رأى ” اشتغال الدولة بمشاكلها الداخلية و الخارجية فرصة لادخار المال و أكثر من الاعتداء على الأهليين و ظلمهم و اختلس زيادة على هذا أموالا كثير من مرتبات الحج “

لكن ما تتحدث عنه المصادر أن أهل الشام رفضوا عزله و حاربوا إلى جانبه فكيف يكون ظالم لهم فيدافعون عنه ويتعصبون له.

فكتب محمد كرد علي التالي: ” و لما جاء سليمان باشا بجند لأخذ دمشق تعصب الدمشقيون لكنج يوسف باشا ووقع القتال في أرض الجديدة و داريا فانهزم الدمشقيون و ظفر العسكر اللبناني و العكاوي و قتل كثير من الدمشقيين.

” بعد أن استولى سليمان باشا على الشام أرسل يوسف باشا إلى محمد علي باشا صاحب مصر واستأذنه في حضوره إلى مصر، فكاتبه بالحضور إليه والترحيب به، فوصل إلى مصر، فلاقاه صاحب مصر وأكرمه، وقدم إليه خيولاً وقماشاً ومالا ، وأنزله بدار واسعة بالأزبكية، ورتب له خروجاً زائدة من لحم وخبز وسمن وأرز وحطب، وجميع اللوازم المحتاج إليها، وأنعم عليه بجوائز وغير ذلك، وأقام بمصر هذه المدة، وأرسل في شأنه إلى الدولة، وقبلت شفاعة محمد علي باشا فيه ووصله العفو والرضا، ما عدا ولاية الشام و يذكر أيضا أنه عند حضوره نزل في قصر شبرا و بأنهم ضربوا لحضوره المدافع ثم انتقل إلى الأزبكية.”

ثم مرض و انتقل إلى قصر الآثار بقصد تبديل الهواء و حاول الأطباء علاجه لفتره ثم مات في القصر و دفن في الحوش الذي أعده الباشا و أنشأه لموتاه بعد أن عاش في مصر لمدة ٦ سنوات رحمه الله ” .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* – الدوگرينية هي تحالف عشائري في ولاية أورفا (رها), وقد تحالفت الدوگرينية مع إبراهيم باشا الملّي في نهاية الحكم العثماني, لعلاقتهم التاريخية مع التحالف الملّي . 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

في زمن يبحث فيه العالم عن المصالحة والتفاهم، يعد ديوان الشعر

“Aştî تعني السلام” من تنگزار ماريني علامة مضيئة للأمل. النسخة الثنائية اللغة – باللغتين الكردية والألمانية –

تدعو إلى عدم التفكير في السلام فحسب، بل أيضًا إلى الشعور به ومشاركته.

قصائد ماريني رقيقة وقوية في آن واحد.

تحكي عن الرغبة في عالم أفضل، وعن ألم الذكرى،

وعن جمال التعاون….

يسرى زبير

 

اللاجئ ليس مجرّد رقم على الورق، ولا حالةً طارئة في نشرات الأخبار.

إنه إنسان أجبرته قسوة الحياة ومرارة الواقع على الهروب من وطنه، بعدما تحوّلت أبسط مقومات العيش فيه إلى أحلام مستحيلة.

الكهرباء مقطوعة، والماء يُشترى بثمن، والغاز معدوم، والأسعار تنهش قوت يومه، والقهر يرافقه في ظلمات منامه.

ولم يعُد هناك ما يُسمّى حياة، بل صراع بقاء…

التقديم والترجمة: إبراهيم محمود

 

حفيظ عبدالرحمن، كرديٌّ شاعر، شاعرٌ كردي، حفيظُ اسمه في قول الشعر، مجاز معناه في تمثيله حيث يكون بلغته الكردية” الأم “. لستُ من يزكّيه هنا، وإن كنت أنا، هوذا شعره، كما تعلِمني معايشتي/ معاشرتي للشعر، قبل معرفتي به. بشعره يشار إليه، ليكون شاعراً كما يجب.

وما قولي هذا، كشهادة لها ركيزتها في الواقع…

غريب ملا زلال

 

هذا حزني

و هذا تعبي

يلتقطانني حبة حبة

فيرميني الحزن

كاهناً في جبل

و يحملني التعب

شيخاً على عكازة

بين أسلاك الحدود

فهل حقاً

سلبت عشتار

كل قوانين الدوران

حول القلب

أم يحوم تموز

حول نيران

بحيرة الكهان

سأغادر هذا المعبد

فلا الصلاة قادرة

أن تحييني

و لا الرب

يرسل نخلة

أتعرش بها

و الملك يصر

أنني لا أنتمي إلى حاشيته

سأغادر هذا المعبد

فالكاهن دجال و سافل

و الخادم خبيث

و الطريق

لم ترسمه أصابعي

سأغادر هذه الأرض

فالشيخ منافق

و السياسي…