دموع خلف النافذة

خلات عمر
في ذلك الوقت قررت أن أمشي قليلاً، وفي ممرات ذلك المشفى كان هناك أناس كثيرون، ولكل غرفة قصة وحكاية ونصيب من الحزن أو الفرح.
وفجأة، رأيت فتاة جميلة في مقتبل العمر في إحدى الغرف، حزينة، تنظر من خلال النافذة بعيون باكية، يائسة من كل شيء. انتابني الفضول، فذهبت إليها وسألتها عن سبب حزنها وبكائها، وكأنها كانت تنتظر من يخفف عنها ألمها.
دارت الأحاديث بيننا، فأخبرتني أنها كانت تحب شاباً وهو يحبها، وقرّرا الزواج، ولكن عائلة الشاب كانت رافضة لها بحكم أنها غير متعلّمة، والشاب متعلّم.
قالت:
“حاولوا كثيراً إنهاء علاقتي بالشاب، ولكن الشاب أجبرهم وتحدّى الجميع لأجلي، وفعلاً تزوجنا، ولكن أهله لم يقبلوني. تحملت كرههم وأفعالهم لأن الشاب كان يحبني.
ولكن حدث ما لم أتوقعه… فجأةً تغيّر الشاب من ناحيتي كثيراً، وبات يكرهني ويشتمني ويهينني وكأنه شخص آخر. نعم، استطاع أهله التفريق بيننا بأعمال السحر والشعوذة.
طلقني أمام الجميع، وتحول كل ذلك الحب إلى كره وحقد وإهانات. وعدت إلى بيت أهلي مكسورة، ضعيفة.
بعد فترة من الزمن، حاول الرجوع إليّ، وكأنه استيقظ من حلم، لم يصدق أنه طلقني، ولكن بعد فوات الأوان، فقد زوجني أهلي إلى هذا المسن، وعلى ضرتين.
وهو الآن مريض، وأُجبرت على العناية به بحكم أنني الزوجة الجديدة. وهذه العجوز هي أمه، أعتني بها أيضًا.
وأنا الآن أبكي على نفسي التي ضاعت، وحياتي التي باتت كجحيم لا يُطاق…”
كانت تروي قصتها والدموع في عينيها لم تتوقف. لم أستطع فعل شيء سوى مشاركتها بالبكاء. لا أعلم، هل ألوم المجتمع أم الأهل؟
كم من الآمال ضاعت، وكم من الأحلام ماتت في مجتمع ظالم لا يرحم الضعيف…
بقيت هذه القصة محفورة في ذاكرتي، ودائمًا أسأل: يا ترى ماذا حدث للفتاة؟ وكم من الفتيات اللواتي يشبهنها غرقن في هذا المستنقع…؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

ا. د. قاسم المندلاوي

 

عامودا:

مدينة الفن والحب والجمال، تابعة لمحافظة الحسكة، وتبعد عنها 80 كم. تقع في شمال شرق اقليم كوردستان الغربي، وعلى الحدود مع تركيا وقرب مدينة قامشلو. معظم سكانها من الكورد مع اقليات عربية ومسيحية. يمر فيها نهر باسم “نهر الخنزير”.

اسست المدينة على يد مهاجرين سريان هربوا من تركيا في اعقاب مذابح…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير في…

حاورها: إدريس سالم

 

في زمن الانهيارات الكبرى والتحولات الجذرية، لم يعد ممكناً التعامل مع القضايا المصيرية بمنطق الإنكار أو الاستخفاف؛ فالمشهد السياسي السوري، بكل تعقيداته وتناقضاته، بات يفرض على الفاعلين الكورد مسؤولية مضاعفة في إعادة تعريف أدوارهم، وترتيب أولوياتهم، وبناء مشروع وطني يتجاوز الاصطفافات الضيقة والانقسامات القاتلة، فالسكوت لم يعد ترفاً، ولا الشعارات تُقنع جمهوراً أنهكته…

فراس حج محمد| فلسطين

مقدمة:

أعددتُ هذه المادّة بتقنية الذكاء الاصطناعي (Gemini) ليعيد قراءة الكتاب، هذا الكتاب الشامل لكل النواحي اللغوية التي أفكّر فيها، ولأرى أفكار الكتاب كما تعبّر عنه الخوارزميات الحاسوبية، وكيف تقرأ تلك الأفكار بشكل مستقل، حيث لا عاطفة تربطها بالمؤلف ولا باللغة العربية، فهي أداة تحليل ونقد محايدة، وباردة نسبياً.

إن ما دفعني لهذه الخطوة…