ماهين شيخاني.
في شمال الشرق، حيث نمت سنابل الحنطة إلى جانب أعمدة النفط، بنت القرى سورها بيديها، وزرعت فوقه أشجاراً تحرس الأطفال من شمس الصيف ورصاص الغرباء.
كانوا يقولون:
– لسنا ضد أحد… فقط نريد أن نعيش.
لكن في دمشق، تبدّلت الوجوه.
الوجوه القديمة غابت، وجاءت وجوه جديدة: لحى غريبة، لغات غريبة، عيون لا ترى في الخرائط إلا الحدود التي يمكن محوها.
أحدهم جاء من إدلب يحمل صولجان “الفتح”،
آخر جاء من وراء الأناضول بخريطة عليها خطوط حمراء، وثالث جاء من شرق بعيد حيث تُقرأ الصلوات بلكنة الحديد.
قالوا:
– جئنا نوحّد البلاد… باسم الدين، وباسم الوطن، وباسم ما شئتم من الشعارات.
لكن الذين في الشمال الشرقي سألوا:
– وماذا عن بيوتنا التي بنيناها..؟. عن قوانيننا التي اتفقنا عليها..؟. عن دمنا الذي سال كي لا ندخل في حربكم..؟.
لم يأتِ الجواب… سوى حوافر خيول، وصوت أقدام تقترب، ورايات لا تترك خلفها إلا الغبار.
في القانون الدولي، من تُهاجمه سلطة دولته ويُحرم من الأمان، يحق له أن يختار طريقاً آخر.
لكن في عرف الغزاة، الأرض ملك السيف، ومن يرفع رأسه يُقطع ظله.
عند مفترق الدم، وقف أهل الشرق وقالوا:
– نحن هنا… لن نعود إلى قبضة من بدّلوا جلدهم، واحتفظوا بالمخلب ذاته.