«ملاحظات من الصفحة 28»: صوت إيزيدي جديد من شنكال

ميران أحمد

أصدرت دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع مؤخراً المجموعة الشعرية الأولى، للشاعر الإيزيدي سرمد سليم، التي حملت عنوان: «ملاحظات من الصفحة 28»، وجاءت في 88 صفحة من القطع المتوسط.

تأتي هذه المجموعة بوصفها التجربة الأولى للشاعر، لتفتح باباً على صوت جديد من شنكال، يكتب من هوامش الألم والذاكرة الممزقة، بلغة جريئة تشبه اعترافاً مفتوحاً على الحياة والموت في آن واحد.

هذا وتنتقل قصائد الكتاب بين صور يومية غارقة في قسوتها، وتجارب شخصية تنبض بالهشاشة والجرأة، حيث يواجه الشاعر ذاته والعالم بلا أقنعة، ويحوّل الخسارات الفردية إلى نصوص تفيض بصدق إنساني عميق.

 

قصيدة من الكتاب:

سجادة مستعملة

كل شيء في حياتي

يشبه سجادةً مستعملة

عليها بقعة نبيذ وذكرى قطة دهستْها شاحنة

ولا أحد يهتم لتنظيفها

 

كل الذين قالوا لي:

ستنجو، فقط اصبر،

كانوا يعملون في مكاتبَ مليئةٍ بالهواء المُعَلّب،

ويأكلون السلطة بدون ملح.

 

الشعر كان حذاءً قديما ارتديته حين مشيت

إلى حانة فيها نساء يُشبِهْنَ الأمهات،

وسكارى يتحدثون عن الله

وكأنه نادلٌ تأخر عن طاولتِهم.

 

أنا لست شاعراً،

أنا حفّارُ قبورٍ متقاعد

يكتب القصائد كي لا يصرخ في وجه نفسه

كل علاقاتي العاطفية

كانت شبيهةً ببطارياتٍ فاسدة

تشغل راديو مكسور

يبث أخبارا عن نهاية العالم

لكنْ بصوتِ مطربةِ خمسينية

تحن إلى صدرٍ لم يعد موجودا

قالت لي امرأة مرةً

عندك قلب حزين

ضحكت،

بصقت دماً

وقلت لها

هو ليس حزيناً هو فقط

يريد النوم

كل ما أردتُه

نافذةً تطل على شارع مُمِل

علبةَ سجائرٍ رخيصة

وزجاجةَ نبيذٍ تنسى اسمي

لكن الموت

دخل مثل مفتشِ ضرائبٍ

ألقى نظرةً على روحي

ضحك

وقال

لا شيء يؤخذ من هنا

أنا

لا أريد جنازة

فقط ضعوني في كيسٍ أسودَ

وارموني في سلةِ القمامة

مع فاتورة الكهرباء غير المدفوعة

ونسخةٍ قديمةٍ من كتاب لم يقرأه أحد.

 

تجدر الإشارة إلى أن سرمد سليم، هو من مواليد شنكال 1993م، حاصل على بكالوريوس في التربية وعلم النفس من جامعة دهوك. ينتمي إلى الجيل الإيزيدي الشاب الذي حمل تجربة مدينته المثقلة بالمآسي إلى فضاء الأدب. ويُعد هذا الإصدار هو أول كتاب مطبوع له، بما يمثّله من خطوة تأسيسية في مساره الأدبي.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…

ابراهيم البليهي

منذ أكثر من قرنين؛ جرى ويجري تجهيلٌ للأجيال في العالم الإسلامي؛ فيتكرر القول بأننا نحن العرب والمسلمين؛ قد تخلَّفنا وتراجعنا عن عَظَمَةِ أسلافنا وهذا القول خادع، ومضلل، وغير حقيقي، ولا موضوعي، ويتنافى مع حقائق التاريخ، ويتجاهل التغيرات النوعية التي طرأت على الحضارة الإنسانية فقد تغيرت مكَوِّنات، ومقومات، وعناصر الحضارة؛ فالحضارة في العصر الحديث؛ قد غيَّرت…