التعليم بين العلم والفلسفة: ضرورة إعادة التوازن في عصر التحديات الفورية

صبحي دقوري

رغم الإنجازات العلمية والتقنية المذهلة التي حققتها العقود الأخيرة، تظل الإنسانية في كثير من الأحيان أسيرة لمتطلبات

 البقاء . يثير هذا التباين تساؤلات عميقة حول كيفية تقدير المجتمعات للتعليم والنمو الفكري. بدلًا من تعزيز الفضول وتنمية التفكير النقدي، يبدو أن التعليم المعاصر، في سياقات عدة، غالبًا ما يُعرض العلم كسبب للمشاكل، بدلاً من أن يُنظر إليه كمفتاح لحل تحديات عصرنا الحالي. قد يؤدي هذا التصور إلى تجاهل الفكر الفلسفي، الذي يعد أساسيًا لفهم موقعنا في هذا العالم وتداعيات تقدمنا التقني.

يجب أن يكون التعليم نبراسًا يضيء دروب الفضول الفكري، حيث يحفز الأفراد على التساؤل والاستكشاف ونقد الأفكار المتأصلة. لكن عندما تستحوذ مشاغل الحياة اليومية على الأذهان، يصبح من العسير الغوص في أعماق التفكير. يُجبر الأفراد في كثير من الأحيان على التركيز على الأمور اللحظية، مما يعيق رحابة التأمل الفلسفي أو الاستكشاف العلمي. وتنتج عن هذه الحالة حلقة مفرغة، يُحد من خلالها غياب التفكير النقدي القدرة على معالجة المشكلات بطرق مبتكرة.

إن العلم، الذي يُعدّ بوابة نحو النمو والإدراك، قد يُنظر إليه في بعض الأحيان على أنه تهديد. فالتقدم التكنولوجي، رغم ما يقدمه من حلول لمشكلات متعددة، قد يُثير أيضًا مخاوف أخلاقية وأزمات فكرية. هذه المخاوف قد تؤدي إلى انعدام الثقة في العلم وتقليص الانخراط الفكري، حيث يخشى الناس أن تكون العلوم مجرد أداة للسيطرة أو الاستغلال. وبالتالي، يُهمل الفكر الفلسفي، الذي يسعى إلى استكشاف هذه القضايا الجوهرية.

لمواجهة هذا الاتجاه، من الضروري إعادة تقييم نهجنا التعليمي. بدلاً من النظر إلى العلم والفلسفة كأقسام متعارضة، يجب أن نشجع على وجود تفاعل بينهما. من خلال إدماج المناقشات الفلسفية في المناهج العلمية، يمكننا مساعدة الطلاب على تطوير تفكير نقدي يمكنهم من فهم العلوم والتفكير في تبعاتها الاجتماعية والأخلاقية. هذا قد يُحدث تحولًا في علاقتنا بالعلم، حيث يُنظر إليه ليس كمصدر للمشاكل، بل كحلول محتملة تعززها الفلسفة النقدية.

في الختام، رغم أن الإنسانية تواجه تحديات فورية للبقاء، فمن الضروري عدم التضحية بالنمو الفكري والتفكير الفلسفي في سبيل الاستجابة للمتطلبات العاجلة. من خلال إعادة إيجاد توازن بين العلم والفلسفة في نظامنا التعليمي، يمكننا تعزيز فضول دائم وإعداد الأجيال القادمة للتنقل في عالم معقد بحكمة وبصيرة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نارين عمر

الشاعر الوفي أحمد شيخ صالح!

سنظل نتذكر لقاءاتنا الدافئة في منزلك الدافئ كقلبك، الهادئ كهدوء نفسك وفي حديقة منزلك العطرة بورود روحك وزهور عطائك الهانئة في كنف عين ديور وستظل ديرك تحتضنك في صدرها وفكرها بحبّ ووفاء، وقد كنت المخلص لها والمحب

حياته ونشأته:

ولد شاعرنا أحمد شيخ صالح عام 1935 في قرية عين…

مصطفى عبدالملك الصميدي

أعمى أهـيـمُ

ولـنْ يـرْتـدّ لِـي بَـصَـرُ

ما لمْ تكـوني بقُـربـي ضَـوْئِيَ النّظَرُ

 

فحدِّقِي

في جيوبِ الغَيـمِ

وانتظري

قـمَـراً يـطِـلُّ علـى الدُّنـيـا

وينتـظـرُ

 

عـينـاك فـي اللـيل

مِـرآةٌ يحـطّ بها

وطِـبُّ عـيْنـايَ فـي مِرآتك

الـقَـمـرُ

 

يا رُبَّ أعمى

غداً يصـحـو بَصِيرا إذا

ما عـاد يذكُـر إنْ قَـد مَـسَّـهُ

الـضّـرَرُ

 

حتى وإنْ جاءَهُ سُؤْلٌ:

شُفِيتَ متى؟

يقـول لا عِلْـمَ لـي

مـا شَـاءَهُ الـقَــدَرُ

 

=========

اليمن

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكتاب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو): نارين عمر سيف الدين، حاجم موسى، هشيار عمر لعلي، وبهجت حسن أحمد، في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو)

ماهين شيخاني

لم تكن الدرباسية يوماً مدينة كبيرة بالمعنى الجغرافي، لكنها كانت — كما يصفها المسنين — “مدينة من الضوء والحنين”.

في نهايات الخمسينيات، حين كانت الطرق ترابية، والمولدات تُدار باليد، وعلب البوظة المعدنية تصدر رنيناً في أزقة السوق، وُلدت أول دار سينما في المدينة… سينما ( سلوى ) ل جليل قره زيوان.

كانت تقع مقابل المطحنة ومعمل…