التشكيلي احمد كرنو وخلق حالة تودد مذهلة بين المنتج والمنتج

غريب ملا زلال

احمد كرنو من الاسماء القليلة التي تعتبر اعمالهم صندوقهم الاسود، ففيها ستجد كل ما يخص كرنو، من حنينه المشبع بالشوق للمكان الذي بات وجعا يوخز الذاكرة المتعبة بدورها مما تحمله من حزن وفرح، الى فيضان احاسيسه العذبة بسبب ما يحمله من روح تئن كثيرا تحت وطاة الهوة المؤسفة للنوافذ المؤدية نحو حماية ما تبقى من خطوط الشهيق وحجمها المتدلي في غالبيتها بصورة عشوائية حتى وهي في حالات اشبه بتساقط الامطار دون ان تعرقل جريانها اية متطلبات قد تلد لديه وهو في غمرة حالات الموجة وهي تقترب من الشاطىء.

فرغم انه ينفذ اعماله باغراءات يبثها في المساحات كلها دون اي التفات لمفردات قد تكون غارقة في حالاته لتخفيف معاناته الخاصة، فروحه والوانه وعلى نحو دائم هما في حالة تواصل مع تلك المناطق غير المنعزلة وغير البعيدة عن مشاعره المتفاعلة على نحو حي مع الاحداث الماساوية الكثيرة المبثوثة في فضاءاته. لذا لم يكن صعبا عليه البروز في واجهات ومناطق تتسع بسرعة امام خطوطه التي تحشد في مجمل قطاعات عمله بتاثير الاجواء السياسية والمستجدات التي تدفعه لاستيعاب كم هائل من شهقات لحالات تثير الدهشة من جهة، وبها يتمكن من احراز انجازات غير خرساء بل فاعلة في مساره رغم التضييق الوعر من جهة ثانية.

فهو يسكن عمله بكامل مفرداته، وبكامل احاسيسه، فشخوصه تقترب من ذاته في اسمى وادق حالاتها مع غرقه فيها، وكانه يدعو الى خلق حالة تودد مذهلة بين المنتج والمنتج، الى جانب تركيز جهوده على ابراز التنافر العذب بين حركات السيطرة في العمل وبين اشارات البدء. فدوره لا يتلخص بنقل تلك الحالة فحسب، بل بالاستغراق فيها بعناصر بارزة وحاضرة على مدار المخاض، وعلى مدار التخطيط لعمليات التداخل بين الابعاد والاحداث.

وهو بذلك يرسل اشارات ليست مرتبة تماما بين تساؤلاته الجدية وبين اطلاعه على عميق حقيقة واقعه، فيدخل في تفاصيل المقارنات حينا والمقاربات اكثر الاحيان، وهذا يساعدنا في الوصول الى الدلالات المولدة في عمله، حيث ينتقل من علاقته مع الحكاية الى علاقته مع فعل سرد الحكاية. وهنا تكمن خصوصية كرنو، فعمله يبقى على علاقة مباشرة مع المتلقي ويمنحه مجالا يتنفس فيه بعمق، فكرنو يزج بكامل احاسيسه في عمله بالتزامن مع دوام الايقاد في ثناياها، لئلا يتجه نحو الاخماج حيث يكون اعدام العمل، والذي سيليه اعدام الفنان.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماف خالد محمد

النظرة مسبار الروح وكنهها، عندما تمل الأرواح أجسادها المنهكة نغادرها على عجل لتحل في أخرى.”

رواية كهرمان عمل سردي يمتد عبر أجيال متعاقبة ليكشف التراجيديات التي عاشها الأرمن والكُرد على السواء، وليمزج بين الحكاية الفردية والذاكرة الجمعية.

نالين وبداية الحكاية:

تنطلق القصة مع نالين الفتاة المتمردة التي لا تشبه إخوتها، ذات يوم تعود أمها إلى البيت…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

أدَبُ الرُّعْبِ هُوَ نَوْعٌ أدبيٌّ يَهْدِفُ بواسطة مَجموعة مِنَ الأحداثِ المُتشابِكةِ والمَواضيعِ المُثيرةِ وَالمُفَاجآتِ الصَّادمةِ، إلى إثارةِ مَشاعرِ الخَوْفِ والرَّهْبَةِ لَدَى القارئِ مِنْ خِلال قِصَص عَن الأشباحِ ، أوْ مَصَّاصِي الدِّمَاءِ ، أو الكائناتِ الغريبة ، أو العناصر الخارقة للطبيعة ، أو القُوى الشِّريرة ، أو الأحداث العنيفة المُرَوِّعَة…

إبراهيم اليوسف

تنبثق بطاقات الصباح من عادة باتت أقرب إلى طقس داخلي، إذ يفتح أحدنا عينيه على وعد صغير في صورة أو خاطرة أو قصيدة، ويرسلها إلى صديق يعرف أن من شأن هذه اللفتة أن تضيء يومه. وحقيقة، إن ما تبدو عليه البطاقة- أياً كان نوعها- من بساطة لا يلغي أنها شريان خفي يصل بين المرسل…

ماهين شيخاني

لم يكن نوري ديرسمي مجرّد طبيب بيطري، ولا ثائراً حمل السلاح ثم طواه النسيان؛ كان ذاكرة حيّة تمشي بين الناس، شاهدة على جراح ديرسم وكوردستان، ورمزاً لمقاومةٍ لم يُطفئها الموت ولا المنفى. وُلِد عام 1894 في قرية “أخزونيك” التابعة لولاية ديرسم، لأسرة بسيطة من عشيرة ملان الكردية. فقد أمه صغيراً، فربّاه عمه، وكبر بين…