مهاباد إبراهيم بين معاناة الغربة والوطن تحدي الظروف والاعتماد على النفس

عصمت شاهين الدوسكي

الفن الكردي الطربي قد يمر بمرحلة عصرية صعبة من حيث الأداء والحضور والمضامين، رغم انتشاره في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت الشهرة المظهرية سريعة، لكن الفقاعات كثيرة، ولا يبقى إلا ما هو أصيل، والفنان الذي يترك أثراً بعده.

عانت الفنانة مهاباد إبراهيم الكثير من المعاناة منذ الصغر، وهي تمر بمحطات اجتماعية، فنية، دولية، والتي بدأتها من هجرتها واستقرارها في الغربة وهي في عمر الصبا. مهاباد إبراهيم مطربة كردية مشهورة، ولدت في كوردستان العراق. تتميز بصوتها الجميل والمؤثر، وتقدم أغانٍ كردية تعكس التراث والثقافة الكردية. حصلت على شهرة واسعة في العراق والمنطقة، وتعتبر واحدة من أهم الأصوات الغنائية الكردية.

أغاني مهاباد إبراهيم تتميز بالصوت الجميل والمؤثر، مما يجعل أغانيها محبوبة من قبل الكثيرين. أغانيها تعكس التراث والثقافة الكردية، مما يجعلها محبوبة من قبل الشعب الكردي. غالبًا ما تعبر عن العواطف والمشاعر الإنسانية، مما يجعلها تلامس قلوب المستمعين. ألحان أغانيها تكون جميلة ومتنوعة، فهي تلحن وتغني، مما يجعلها محبوبة من قبل الآخر. ملتزمة بما تقدمه أن يكون مؤثراً وراقياً. مسؤولة عن اختياراتها الفنية، تتمتع بكاريزما خاصة في أدائها، ويمكن أن تكون نتيجة لمجموعة من العوامل، بما في ذلك صوتها، وأسلوبها في الأداء، وطريقة تعاملها مع الجمهور. وأسلوبها في الأداء يمكن أن يكون جذابًا ومقنعًا. كاريزما الفنانة يمكن أن تجعل جمهورها يشعرون بالارتباط بها وبأغانيها. حضورها يتجلى في فيديوهاتها على يوتيوب أو متابعة حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا يمكن أن يعطي فكرة أفضل عن أسلوبها في الأداء وكيفية تفاعلها مع جمهورها.

كل مطربة لها دورها في التغيير إلى الأفضل. وقد مرّت مطربات على الساحة الكردية الإعلامية والفنية، القدماء والمعاصرين: “اينور دوغان – برواز حسين – تارا جاف – جوبى فتاح – دشنى مراد – دموع تحسين – روجدا ايكوج – زارا – عائشة شان – فيفيان نوري – ليلى فريقي – هوزان كانى – هيلي لوف – هيلين بوليك وغيرهم.”

دور مهاباد إبراهيم الطربي والأدائي في الغناء يمكن أن يكون متعدد الأوجه. كفنانة كردية، تقدم أغانيها بطريقة تجمع بين الطرب الكردي التقليدي والأداء الحديث. فدورها الطربي هو الحفاظ على التراث الغنائي الكردي من خلال أداء الأغاني التقليدية، وتطوير الأغنية الكردية من خلال إضافة لمساتها الخاصة وتقديم أغاني جديدة ومؤثرة.

إضافة الأداء التعبيري العاطفي قد تستخدم صوتها وأداءها للتعبير عن العواطف والمشاعر في أغانيها، مما يجعل المشاهد يشعر بالارتباط بها وبأغانيها، وتأثيرها إيجابي على جمهورها، مما يجعلهم يستمتعون بأغانيها ويشعرون بالارتباط بها. تساهم في تطوير الموسيقى الكردية وتقديم أغاني جديدة ومبتكرة. بشكل عام، دور مهاباد إبراهيم الطربي والأدائي في الغناء يمكن أن يكون له تأثير في توجيه الموسيقى الكردية بشكل عام.

عانت في الغربة، حيث وجدت في أمريكا مجتمعاً لا يليق بها، لا يناسبها فكرياً ولا نفسياً، ولم تجد الدعم الكافي. ورغم هذا، الفن ذائب في روحها، لا تتنازل عنه، فهي بنت أيلول، والدها بن فلاح من قرية زيوا شيخ بيرميس قرب بامرني، وأخت شهيد. والدها سياسي عام 1960 – 1975، تغربت في إيران بسبب ظروف والدها السياسية وعمرها 12 سنة. وفي عام 1976 لجأت إلى أمريكا مع زوجها، عاشت في عالم غريب، لغة جديدة ومجتمع جديد، وزوج كبير بالعمر، لكنها عائلة فنية، زوجها الفنان رمضان يوسف زاخولي. وفي المدرسة قالت لها المعلمة: “صوتك جميل..” في أمريكا يقدرون ويدعمون المواهب الفنية، ويقدمون له الممكن إلا أن ينجح في عمله أو فنه.

في عمر 13 سنة غنت أغنية أجنبية بمناسبة مرور السنة الجديدة. بعد 14 شهراً أتقنت اللغة الإنكليزية. ومرت سنوات مع فنها وأدائها، وتنقلت في ولايات أمريكية بين عامي 1976 – 1996، منها: واشنطن، تكساس، لوس أنجلوس، هوليوود، كاليفورنيا وغيرها، ومنها إلى كندا وألمانيا. أمضت 13 سنة في ولاية شمال داكودا، و25 سنة في لوس أنجلوس، هوليوود، وكاليفورنيا. أصدرت 4 ألبومات غنائية مع زوجها، وفي عامي 2005 – 2008 أصدرت ألبومين على حسابها الشخصي بعد طلاقها من زوجها.

تأثرت بالغربة وبعد الوطن، والفنان روحياً يشتاق لأرضه، لمكان ولادته، لذكرياته مهما كانت مؤلمة. فقررت العودة إلى دهوك عام 2015. أقامت حفلات غنائية في أربيل ودهوك. وفي وطنها عانت ورأت أن الفن مهمل، لا تدعمه الجهات الفنية المسؤولة عن تطور الفن.

الفنان يعمل من أجل أرضه وشعبه وفنه، رغم أنه يمر بمعاناة لا حدود لها وتجارب مؤلمة. فالإنسانية يجب أن تتجلى أولاً، ويعيش الإنسان بكرامة وحرية وعزة نفس، بعيداً عن النفاق والشقاق والمحسوبية والأنانية. وفي الواقع المر يرى الفنان مسيرة حياته كفيلم سينمائي، يتذكر نجاحاته وعطائه وعمره الذي أفناه من أجل بلاده وفنه.

إحساسها بالوحدة وعدم وجود سند لها في الحياة يؤلمها، وفي نفس الوقت تتحدى الظروف وتعتمد على نفسها في جميع المكابدات والمعاناة، تمكنت أن تعبرها بثقة وحكمة، وتقدم كل ما هو جميل وراقي. وهي الآن في عمر 44 سنة قدمت الكثير، ففي زمن لم تكن هناك فنانات إلا نادراً، وهي تحافظ على إرثها الفني رغم مشقة الحياة الخاصة للمرأة الكردية، حيث ليس لها الحرية الكاملة.

مع الأسف الشديد، أي امرأة عملت كليب أغنية، تتجمل كعارضة أزياء وتقدم نفسها بميوعة، لا يعتبر فناً. المجتمع الواعي يقدر الفن الراقي، والفنان الأصيل لا يمكن أن يعيش دون فنه، كالسمكة إذا خرجت من الماء تموت.

على الجهات الفنية المسؤولة دعم الفن والفنانين والأدباء والمسرح والفن التشكيلي وباقي الفنون، لكي يتمكنوا من الاستمرار وتقديم ما هو أفضل. لأن الفنان والأديب ليس له عمل آخر، وهم يرتقون ويسمّون ويعلون شأن البلد. فالدولة معروفة بفنانيها وأدبائها وعلمائها. مثلاً: حينما يقولون أمريكا نذكر إلفس بريسلي، مايكل جاكسون. وفي كوردستان: محمد عارف جزراوي، حسن زيرك، أحمد خاني. وفي مصر: أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، أحمد شوقي، طه حسين. الفنان يسمو لوحده بذاته، يعاني، يقدم كل معاناته، حتى لو أنكره الناس وأهمله المعنيون بالفن والأدب، لا ينتظر أحداً يمدحه. كلما كنت بعيداً قدّرك الآخر. يعمل بصمت، وعمله ارتقاء وإبداع يرشد الناس من خلال تقديم تجاربه السابقة بعيداً عن الشكوى والطاقة السلبية.

الوحدة الإنسانية مؤلمة، والتواصل من خلال الأعمال الفنية المؤثرة مهم جداً. الفنانة مهاباد إبراهيم تكورت مع كل هذه التفاصيل بين معاناة الغربة والوطن.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي

كان الصديق ثائر الناشف يزورني بين الحين والآخر في القاهرة، بعد أن جمعنا زمن الدراسة في الجامعة.
كان صديقًا غاليًا، لا يمرّ حضوره مرور العابرين، بل يترك في الروح دفئًا لا يُنسى.
كان يجلس في شرفة بيتي لساعات، يُنصت لصمت المدينة، ثم يبتسم تلك الابتسامة التي تسبق ولادة فكرة.
ويقول لي بهدوئه المعتاد:
أخ ياسر، كتبت هذا المقال…
ثم…

خلات عمر

ليست الحكاية حكاية هرفين وحدها فقط، بل حكاية آلاف الأمهات في مجتمعاتنا. امرأة تعبت كثيرًا، حملت أطفالها تسعة أشهر في بطنها، ثم حملت همومهم سنوات طويلة على كتفيها. سهرت ليالي طويلة بجانب أسرتهم في المرض، تركت أحلامها لأجل أن يكبروا، وقفت وحدها في وجه الحياة كي لا ينقصهم شيء. لكن ما أن يشتعل أول…

غريب ملا زلال

هادي ضياء الديني من الأسماء المهمة في المشهد التشكيلي الكردي، وإن تناولته الصحافة الكردية وأجهزتها الإعلامية بوقفات مخجلة، فهو يستحق أن يكون تحت الضوء أكثر من ذلك بكثير.

هادي ضياء الديني من مواليد سنندج /كردستان إيران عام 1956، غني عن التعريف، لا يحتاج أن نقدمه كثيراً فهو يقدم نفسه بقوة، ومعروف جداً كردستانياً وعربياً…

أحمد جويل

أنتِ البنفسج
وأنا قطعة من قضامة…
ينهشني ضرسك بلهفة عاشق.

أنتِ ياسمينة
وأنا مجرد بواب
أبحث عن مفتاح
لصدر الحديقة…

أختلس من زيزفونها
باقة من الخمر،
لأشعل فورة قلبي
بثلجكِ الصيفي…

أنتِ طفلة المراجيح
في أعياد الأضحى
تأتي النسوة لغسل أرواحهن
في مراجيحكِ
وأنا الناسك
أمرّ عبر طقوس الذكرى
والدفاتر المنسية
على أدراج النخب
دون طباعة…

أنتِ بحر من الصفاء
تغسلين وجع الشمس بدمعة
نازفة من شفاه اللوز
وأنا…!!!
العنكبوت في باب المغارة
أسِدُّ عنكِ
بطاقة بحث
لدورة تدريبية
في حارات الشام…