صوت الحنين في جائزة كاتارا

ياسر بادلي

كان الصديق ثائر الناشف يزورني بين الحين والآخر في القاهرة، بعد أن جمعنا زمن الدراسة في الجامعة.
كان صديقًا غاليًا، لا يمرّ حضوره مرور العابرين، بل يترك في الروح دفئًا لا يُنسى.
كان يجلس في شرفة بيتي لساعات، يُنصت لصمت المدينة، ثم يبتسم تلك الابتسامة التي تسبق ولادة فكرة.
ويقول لي بهدوئه المعتاد:
أخ ياسر، كتبت هذا المقال…
ثم يبدأ في القراءة، وكأن الكلمات تتساقط من غيمة تمطر أدبًا، لا حبرًا فقط.
ثائر الناشف لم يكن مجرّد صديق.
كان إنسانًا يحمل في رأسه معملًا لصناعة الأفكار، وفي قلبه متحفًا من الحنين.
يكتب كما يتنفس، يسرد كما لو أنه يفتح نافذة على مجرّة أخرى.
وبعد أكثر من عشرين عامًا من الغربة، هو في النمسا وأنا في أقصى شمال الذاكرة…
وصلني خبر كأنّه طائر من نور عبر الزمن والمسافة:
رواية صديقي وأخي ثائر الناشف
(جرحٌ على جبين الرحّالة ليوناردو)
بلغت القائمة القصيرة لجائزة كتارا للرواية العربية.
يا لهذا الجرح النبيل… ويا لهذا الكاتب الذي يضع قلبه على الورق ويتركه هناك، نابضًا، يتنفس بالحروف.
أخي ثائر…
لك من القلب دعاء كُتب بالحبر والدمع:
أن تبلغ المركز الأول، كما يليق بك،
وكما يليق بالرواية التي تحملك وتحملنا جميعًا.
مبارك يا صديقي العزيز والنادر،
يا من تمشي في الحبر كما يمشي الضوء في الماء.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

الفن الكردي الطربي قد يمر بمرحلة عصرية صعبة من حيث الأداء والحضور والمضامين، رغم انتشاره في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت الشهرة المظهرية سريعة، لكن الفقاعات كثيرة، ولا يبقى إلا ما هو أصيل، والفنان الذي يترك أثراً بعده.

عانت الفنانة مهاباد إبراهيم الكثير من المعاناة منذ الصغر، وهي تمر بمحطات اجتماعية، فنية، دولية، والتي…

خلات عمر

ليست الحكاية حكاية هرفين وحدها فقط، بل حكاية آلاف الأمهات في مجتمعاتنا. امرأة تعبت كثيرًا، حملت أطفالها تسعة أشهر في بطنها، ثم حملت همومهم سنوات طويلة على كتفيها. سهرت ليالي طويلة بجانب أسرتهم في المرض، تركت أحلامها لأجل أن يكبروا، وقفت وحدها في وجه الحياة كي لا ينقصهم شيء. لكن ما أن يشتعل أول…

غريب ملا زلال

هادي ضياء الديني من الأسماء المهمة في المشهد التشكيلي الكردي، وإن تناولته الصحافة الكردية وأجهزتها الإعلامية بوقفات مخجلة، فهو يستحق أن يكون تحت الضوء أكثر من ذلك بكثير.

هادي ضياء الديني من مواليد سنندج /كردستان إيران عام 1956، غني عن التعريف، لا يحتاج أن نقدمه كثيراً فهو يقدم نفسه بقوة، ومعروف جداً كردستانياً وعربياً…

أحمد جويل

أنتِ البنفسج
وأنا قطعة من قضامة…
ينهشني ضرسك بلهفة عاشق.

أنتِ ياسمينة
وأنا مجرد بواب
أبحث عن مفتاح
لصدر الحديقة…

أختلس من زيزفونها
باقة من الخمر،
لأشعل فورة قلبي
بثلجكِ الصيفي…

أنتِ طفلة المراجيح
في أعياد الأضحى
تأتي النسوة لغسل أرواحهن
في مراجيحكِ
وأنا الناسك
أمرّ عبر طقوس الذكرى
والدفاتر المنسية
على أدراج النخب
دون طباعة…

أنتِ بحر من الصفاء
تغسلين وجع الشمس بدمعة
نازفة من شفاه اللوز
وأنا…!!!
العنكبوت في باب المغارة
أسِدُّ عنكِ
بطاقة بحث
لدورة تدريبية
في حارات الشام…