من أساطين الغناء الكُردي Aslika Qadir

صبري رسول

   ولدت الفنانة الكردية السوفييتية سابقاً، في 1945 في قرية ألكز Elegez في أرمينيا. تنحدر من عائلة فنية وطنية غنت أغنيات فلوكلورية مع مجموعة واسعة من الفنانين كمريم خان، سوسيه سموم وآرام ديكران، ١٩٩٧/٢/٢٥ ظهرت بشكل مباشر للمرة الأولى في قناة مد تيفي في 25 شباط 1997 وهي مثقفة ومناضلة، كان اختصاصها في الدراسة الجامعية اللغة الأرمينية والفارسية. كانت مغادرتها أرمينيا علامة فاصلة في حياتها، ومحطة مؤلمة كما وصفتها.

   تتميّز بصوتها السّحري الأخاذ، كشلال ماء عذب، من حنجرة أشبه ما تكون من البلبل الصباحي.

غنت كثيراً من الأغاني الوطنية والفلوكلورية مثل:

 Qasmo menal berxê mino menal

الموسيقى هي اللغة المشتركة بين البشر جميعاً، وإن اختلفت الأدوات الموسيقية والألحان، اللغة التي يستمتع بها الجميع، وتأتي أهمية الموسيقى بوصفها الترجمة الفعلية للروح الإنسانية والإيقاع المنظم للطرب الداخلي.

   عندما كانت تبثّ إذاعة يريفان – القسم الكردي برنامجها اليومي كان المرحوم عمّي يُسكتُ جميع الحضور ليسمع الأخبار وثم الأغاني الكردية، وأول مرة أسمع أغنيتها الشهيرة:

 

welatê me Kurdistan e jêh meskenê me Kurdan e Welat ji me ra rih û can e

 

   الفنّ كهوية ثقافية عند آسليكا: تبرز أهمية الموسيقا عند الشعوب كخزان معرفي للذاكرة، تحفظ اللغة، واللهجات المحلية، الطقوس الاجتماعية والعادات، وكثيراً من الأحداث التاريخية، وتبثّ الروح الوطنية في نفوس الأجيال. وتقوم بتوطيد الروابط الاجتماعية بين الناس، في الأعراس والمناسبات الأخرى. وأدّت آسليكا هذا الدور بشكل كبير.

   استفادت آسليكا قادر بوصفها فنانةً ومثقفةً من الغناء الكُردي للحفاظ على التراث الكُردي الوطني والقومي والفلوكلور الريفي الاجتماعي، وقدّمت فنّها المشبع بالروح القومية والوطنية في وقتٍ كان الكُرد يتعرّضون للإبادة في أجزاء كوردستان، وكان وجودهم مهدداً بالكامل.

الكُرد يتجاهلون عظماءهم الأحياء ويعظّمونهم أمواتاً:

هناك كثيرون من الشخصيات الكردية الكبيرة المُبدعة والقديرة يعيشون في الظّل وهم أحياء، حيث يتمّ تجاهلهم وهم أحياء، لكن بعد رحيلهم يتمّ الاحتفاء بهم بشكل كبير، أصبح هذا الأمر ظاهرة واضحة.

   تكرّر هذا الأمر مع الفنانين: محمد شيخو، وسعيد كاباري، أياز يوسف، ومع السّياسيين: أصمان صبري، نورالدين زازا، وغيرهم… الخ.

   قد لا تجد تفسيراً دقيقاً لهذه الظاهرة، سوى غياب كيانٍ سياسي مستقل يهتمّ بالمبدعين والكبار وهم أحياء.

    لفت نظري قيام المجلس الكردي هما هنكي، بإحياء ميلاد الفنانة الكردية آسليكا قادر الثمانين، في مدينة كولن الألمانية، كانت التفاتة جميلة تُسجَّل له، ورغم ذلك ما يحزّ في النّفس حضور نخبة قليلة من المهتمين بالثقافة والفن، يا ترى لو كانت الحفلة لـ(جورج وسوف وأطلق العرعرة والجعير الضجيجي في الصالة، كم من الكرد في مدينة كولن ونورد راين فيستفالن كان سيحضر الحفلة؟ أعتقد لو كانت الحفلة لفنان عربي، كان سيزيد الحضور الكُرد أكثر من ألف شخص مع شراء بطاقة الحضور.

أما فنانة كردية مبدعة بصوتها الخيالي : Aslik Qadir – تنظم حفلة بميلادها الثمانين، ويحضر عددٌ محدودٌ من المهمتين بالثقافة والفن، فهذا أمر يدعو إلى الأسف.

  عملت آسليكا قادر مع راديو يريفان، كانت نجمة في كوردستان الحمراء فى السوفييت سابقاً. أسهمت تلك الإذاعة البسيطة في نشر الثقافة الكردية، كما أسهمت كوردستان الحمراء في مساحة جغرافية بسيطة في نشر وتطوير الأدب والثقافة الكردية في وقت كان كل شيء يتعلق بالكُرد وكوردستان ممنوعاً.

  دخلت أسليكا قاعة الاحتفال بلباس كردي مميّز، بأناقتها الفائقة رغم عمرها الثمانيني، وهي تغني ولاتي مه كوردستانه جيهي خوش ميرو شيرانه، فاحتضنها الجمهور، فصفقوا لها، وهي قدّمت روحها القومية بصوتها الساحر للجمهور.

 

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…

سيماف خالد محمد

في المطبخ كعادتي كل يوم استيقظتُ على فنجان قهوة أُحاول به أن أفتح عينيّ وأمنح نفسي شيئاً من التركيز قبل أن أبدأ بتحضير الغداء.

بينما كنتُ منشغلة بالطبخ أفتح هذا الدرج وذاك، دخلت أختي مايا تحمل لابتوبها جلست أمامي، فتحت الجهاز لتعمل عليه وكأنها أرادت أن تؤنس وحدتي قليلاً وتملأ صمت المطبخ بأحاديث خفيفة.

لم…

فراس حج محمد| فلسطين

تثيرني أحياناً في بعض الكتب عتباتها التمهيدية، من الغلاف وتصميمه، وما كتب عليه في الواجهة وفي الخلفية (التظهير)، والعتبات النصيّة التمهيدية: العنوان، والإهداء، والاقتباس الاستهلالي، وأية ملحوظات أخرى، تسبق الدخول إلى عالم الرواية أو بنيتها النصيّة.

تقول هذه العتبات الشيء الكثير، وتدرس ضمن المنهج البنيوي على أنها “نصوص موازية محيطة”، لها ارتباط عضوي…