اللغة الكوردية والذكاء الاصطناعي

د. محمود عباس

قبل سنوات، عندما تم إدخال الدراسة باللغة الكردية في غرب كوردستان من قبل قوى الإدارة الذاتية، كنت وما زلت من أشد المؤيدين لهذه الخطوة. لقد كانت خطوة تاريخية نحو إحياء اللغة الكردية التي ناضلت الحركة الكردية طويلاً من أجلها. لكن مع ذلك، تعرض هذا القرار لانتقادات شديدة من أغلبية المعارضة الكردية، التي ادعت أن هذا سيضر بمستقبل أجيال من الكرد. حجتهم كانت أن التدريس باللغة الكردية سيعزل الطلاب ثقافيًا ويحد من فرصهم في الحصول على تعليم عالمي.

اليوم، وبعد ظهور الذكاء الاصطناعي والتطور المذهل في مجال التكنولوجيا، تتضح أن هذه المخاوف كانت مبالغًا فيها. الذكاء الاصطناعي، وخاصة برامج الترجمة الآلية، يشهد تطورًا كبيرًا، ومن المتوقع أنه خلال السنوات القليلة المقبلة، لن يكون هناك حاجة كبيرة للمترجمين التقليديين. فالبرامج الذكية ستتيح للأفراد الوصول إلى محتويات جميع مكتبات العالم باللغة التي يختارونها، مما سيجعل أي حاجز لغوي أمرًا من الماضي.

على سبيل المثال، الطلاب الكرد الذين كان يخشى عليهم من العزلة الثقافية، لن يجدوا أنفسهم في عزلة. بالعكس، سيكون بإمكانهم الاستفادة من المعرفة العالمية بلغتهم الأم، حيث سيتمكنون من الوصول إلى المصادر والكتب في جميع الاختصاصات دون الحاجة إلى ترجمة يدوية. هذه التحولات تجعل من تطبيق التدريس باللغة الكردية خطوة استراتيجية وناجحة للغاية.

وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها؛ حيث نرى اليوم أجيالاً من الأكاديميين الكرد الذين يتحدثون بلغتهم الأم بنقاء وسلاسة، ويتميزون مقارنة بخريجي مدارس النظام التي تدرس بالعربية. هؤلاء الأكاديميون لديهم الإمكانيات اللغوية الكافية لتطوير البرامج الكردية المتاحة على أجهزة الكمبيوتر، ويمكنهم تحسين جودة الترجمة من أي لغة إلى الكردية.

لكن، لضمان استمرار هذه النجاحات وتعزيزها، من الضروري تشكيل لجان متخصصة من اللغويين والمبرمجين. هذه اللجان يمكن أن تعمل على إثراء القواعد اللغوية والمفردات الصحيحة باللغة الكردية. مثل هذه الجهود يمكن تطبيقها من أي مكان، والإدارة الذاتية والمراكز الثقافية المعنية عليها أن تتبنى هذه المهام لضمان استمرارية تعزيز اللغة الكردية في مجال التعليم والتكنولوجيا.

الولايات المتحدة الأمريكية

mamokurda@gmail.com

29/9/2024م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…