هل حقاً أنا شخص شجاع؟

وندا حاجو

“كم أنت شجاعة وندا حاجو!”

“إنها لشجاعةُ كبرى منك!”

“أنت قاسية وشجاعة جدًا في نفس الوقت!”

هذه بعض ردود الفعل التي تلقيتها هذا الأسبوع بعد الإعلان عن اختياري مغادرة مدينتي جافله في السويد، وعملي الدائم في راديو السويد، وتوديع كل شخص أعرفه، حيث قررت الانتقال إلى النرويج والعيش مع زوجي المستقبلي.

ولكن هل حقاً أنا شخص شجاع؟ هل هذا هو معيار الشجاعة في عالمي؟ لا يسعني إلا أن أفكر في عالم مختلف تماما. عالم فيه امرأة تشبهني، ذات جذور مماثلة لي، والتي تعيش في كردستان أو غزة أو ربما لبنان، والتي مثلي تمامًا، لديها ابنة في سن المراهقة والتي تواجه هي نفسها قرارات تغير حياتها – ما رأيها بشجاعتي؟

هي نفسها بحاجة إلى أن تجد الشجاعة لترك كل ما تعرفه و كانت تعرفه لتجد مكاناً آمناً لنفسها و لإبنتها في ملجأ ما تحتمي به، و هم يهربون سيرًا على الأقدام، غير متأكدين من المكان الذي سيذهبون إليه وما إذا كان المكان الذي سيصلون إليه سيكون آمنًا أم لا.

هذه المرأة هي التي تمتلك الشجاعة و هي تحاول تهدئة ابنتها الخائفة عندما تضيء السماء بسقوط الصواريخ أو عندما لا يتمكنون من الوصول إلى الجدة والجد اللذين كانا سنهما أكبر من أن يستطيعا الهروب معهن.

كيف تستطيع هذه المرأة تهدئة ابنتها المراهقة التي تشعر بالحزن على رحيل جميع أصدقائها؟ هل يمكنها، مثلي، مواساتها بأن المكان الجديد الذي سيذهبون إليه يحتوي على  حمامات سباحة وستاربكس؟

ما أفعله هو شجاعة. لكن لا يسعني إلا أن أشعر بالذنب تجاه مدى اختلاف العوالم التي نعيش فيها – حيث تعني الشجاعة أشياء مختلفة تمامًا. لقد ولدت عام 1984 في بلدة صغيرة في كردستان. إنها مجرد صدفة أنني أعيش في هذا العالم وليس عالم تلك المرأة. الشجاعة في عالمي هي مغادرة منزل آمن إلى منزل آمن آخر. حيث لدي بالفعل صور على هاتفي المحمول عن مكان النوم الآمن التالي لابنتي. وقبل الانتقال إلى المكان الجديد بعدة أشهر، يمكنني البدء ذهنياً في تزيين شقتي بالمفارش والستائر والوسائد الناعمة.

لذلك، أنا – وكثيرون آخرون مثلي من الذين كان مصيرهم أفضل عندما سنحت لهم الفرصة ليعيشوا بأمان في مكانٍ آخر بدلاً من المكان الذي ولدوا فيه –  نعم سوف أعيش بوخز الضميرفي كل مرة عندما أرى ما يحدث من أمور صادمة في العالم الذي ولدت فيه.  سأشعردائماً بالذنب إتجاه نفسي لأن الحظ حالفني لأعيش في رغد و أملك  بما فيه الكفاية في هذا العالم الذي نحن محظوظون للعيش فيه. شعوري هذا هو مشابه لشعور  اول دفء يشعر به اولئك الناجون من الكوارث إتجاه من لم يستطيعوا النجاة.

أشعر في قلبي ـ بشكل لا يصدق ـ  بدفء  تلك الهتافات المشجعة والرسائل القلبية حول شجاعتي. لكن في الوقت نفسه، لا أستطيع التخلص من الشعور بالذنب عندما أرى مدى سهولة شجاعتي ـ و أنا أتخذ قرار الانتقال من مكان آمن إلى مكان آمن آخرـ مقارنة بشجاعة تلك المرأة التي تمسك بيد ابنتها و هي تركض تحت وابل القنابل الحارقة.

لذا فإن ما يجب أن أتعلمه هو أن أتقبل أن الشعور بالذنب هو الثمن الذي يجب أن أدفعه مقابل سحب بطاقة يانصيب رابحة قررت مصيري في الحياة. إنه ثمن رخيص بشكل لا يصدق. يكاد يجعلني أشعر بالسوء حيال ذلك.

ملاحظة : المقالة كتبت باللغة السويدية و تم ترجمتها الى اللغة العربية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي

يقال إن الأمثال خلاصة الحكمة الشعبية، لكن هناك أمثال في تراثنا وتراث المنطقة باتت اليوم تحتاج إلى إعادة تدوير عاجلة… أو رميها في أقرب سلة مهملات، مع بقايا تصريحات بعض المسؤولين. مثال على ذلك: المثل “الذهبي” الذي يخرجه البعض من جيبهم بمجرد أن يسمعوا نقداً أو ملاحظة: “القافلة تسير والكلاب تنبح” كأداة جاهزة لإسكات…

شكري شيخ نبي (ş.ş.n)

توقف ؛

على رسلك في المدى

الافق سوار من اللظى

عويل الجوعى

نداءات و جعجعة

وغزة توشحت بالصدى ..!

 

توقف ؛

على هدي الهديل

فالشارات حمراء

من جفلة الجلنار وزحام القذى ..؟

و ..دع الأمير يمر

أمير من غزة

يقطع الشك في المدعى

من سخام الحياة

إلى نور السماوات في المرتجى ..؟

 

توقف ؛

عند هذيان حمى الصبر وأنتظر ..

انتظر..

امير الصبر

حتى اكتمل رغيف القمر ..!

قطعوا عليه سبل درب…

ماهين شيخاني.

في شمال الشرق، حيث نمت سنابل الحنطة إلى جانب أعمدة النفط، بنت القرى سورها بيديها، وزرعت فوقه أشجاراً تحرس الأطفال من شمس الصيف ورصاص الغرباء.

كانوا يقولون:

– لسنا ضد أحد… فقط نريد أن نعيش.

لكن في دمشق، تبدّلت الوجوه.

الوجوه القديمة غابت، وجاءت وجوه جديدة: لحى غريبة، لغات غريبة، عيون لا ترى في الخرائط إلا الحدود التي…

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن.

 

أيُّ ضياعٍ هذا…

زوبعةٌ من آلام الماضي،

تدور بي حتى تخلعَت جذوري من أرضي.

 

الماضي… عَلقَةٌ غامقةُ اللون،

تختبئُ ف ي تلافيف عقلي،

تتنفسُ من دمي،

وتتركُ في أعصابي طنينًا لا يصمت.

 

لا تُمهلني هدوءًا،

ولا تسمحُ لجفني أن يستسلما لنعاسٍ رحيم.

 

أقفُ أمام المرآة…

أحدّق في وجهي كأنني أبحث عن طفلٍ ضاع في داخلي،

طفلٍ بعينين غارقتين في الخوف،

يقف في زاوية الغرفة

يتجنّب نظرات…