بهرين أوسي
في الذكرى الأربعين لرحيل الشاعر الكردي الكبير جكرخوين، نشعر بدافع الوفاء لاستذكار هذه الثورة الفكرية والأدبية بكل تفاصيلها التي لا تغيب عن أذهاننا. لقد زرع جكرخوين خلال مسيرة حياته الطويلة بذور التحرر من العبودية، وتحرير الفكر، والوعي القومي، وتنوير الشباب. كانت أفكاره ثورة متقدمة على عصره، وأثمرت تلك البذور عبر عقود لتصبح أشجاراً يصعب اقتلاعها. جكرخوين، أو شيخموس حسن علي، ولد في عام 1903 في قرية هساري بالقرب من مدينة باطمان في شمال كوردستان، وبعد ولادته هاجرت عائلته إلى كوردستان سوريا، حيث استقروا في مدينة عامودا.
فقد جكرخوين والديه وانتقل بين قرى وبلدات كوردستان سوريا، كما عاش لفترات في إقليم كوردستان وكوردستان إيران. عشق العلم منذ صغره وتعلم القراءة والكتابة على يد المشايخ، ثم بدأ بكتابة الشعر في شبابه. تمرد جكرخوين على الأفكار الدينية المتشددة، وخلع لباس الصوفية، وهاجم الشيوخ والآغوات بشعره الثوري المعبر عن واقع الشعب الكردي المأساوي. أشعل نيران الوعي القومي وحثّ على الثورة ضد أشكال القمع الاجتماعي والديني والقومي والإنساني.
عانى جكرخوين من الملاحقة والسجن عدة مرات خلال حياته، لكنه كتب في مجالات عدة، وألّف أكثر من 37 كتاباً، منها مجلدان عن تاريخ كوردستان، وثمانية دواوين شعرية، بالإضافة إلى ترجمات وقاموس.
توفي جكرخوين في 22 أكتوبر 1984 في ستوكهولم، ونقل جثمانه إلى مدينة قامشلو، حيث دفن في باحة منزله في موكب مهيب وحضور جماهيري غفير.
احتفل الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا واتحاد كتاب كوردستان سوريا هذا العام بالذكرى الأربعين لرحيله. وقد استقبل ممثلو الاتحادين وفوداً من محبي الراحل جكرخوين في منزله يوم 22 أكتوبر 2024، بحضور ابنته السيدة بونيا جكرخوين القادمة من السويد للمشاركة في استذكار والدها. تميزت الفعالية بعرض مقتنيات شخصية للراحل، وعدد من المخطوطات التي كتبها بخط يده منذ عام 1947، وصور شخصية تمثل مراحل متعددة من حياته الزاخرة بالعطاء. وقد حظيت الفعالية بإعجاب الحضور، وشكروا الاتحادين على هذا العمل المميز الذي كان لائقاً بذكراه.
سيبقى جكرخوين، الثورة الفكرية، رمزاً قومياً يحتفى به في جميع أرجاء كوردستان، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها.