أعلنت دار نشر “خطوط وظلال” للنشر والترجمة بعمان عن إصدار أربعة كتب مترجمة من قبل المترجم صبحي دقوري، والّتي ستتوفّر قريبًا في المكتبات. ومن بين هذه الكتب، يوجد عمل فريد بعنوان “الجهل المكتسب” للمفكّر نيكولاس دو كوسا، الّذي يقدّم رؤية جريئة للمعرفة تتحدّى الأفكار التقليديّة.
من هو هذا نيكولا دو كوسا؟
كان نيكولا دو كوسه، المولود عام 1401 في كوسا، فيلسوفًا وعالم لاهوت وكاردينال ألمانيّ. درس القانون في جامعة بادوفا واللاهوت في جامعة كولونيا. يعرف بأعماله الفلسفيّة واللاهوتيّة، مثل “De dicta ignorant” (الجهل المكتسب) و”De conjectures” (التخمينات. شارك بنشاط في مجلسي بازل وفلورنسا، وكان مدافعًا قويًّا عن توحيد كنائس الشرق والغرب. تمّ تعيينه كاردينالا كاهنًا لسان بيير أو لينز في عام 1448، وأسقفا لبريكسين في عام 1450. توفّي نيكولاس من كوسا عام 1464 في تودّي بأومبريا في إيطاليا. كما عرف بمساهماته في الميتافيزيقيا والرياضيّات، ولعب دورًا مهمًّا في كنيسة عصر النهضة إلى جانب البابا نيكولاس الخامس وبيوس الثاني.
تتمحور الفكرة الرئيسيّة لنيكولا دو كوسه في “الجهل المكتسب” حول ضرورة الاعتراف بجهلنا من أجل فهم حقيقيّ للّه والكون. يرى كوسًا أنّ اللّه، ككائن غير محدود ومطلق، يتجاوز كلّ ما يمكن أن يدركه البشر، ممّا يؤدّي إلى أنّ معرفتنا البشريّة تظلّ محدودة وعاجزة عن استيعاب الطبيعة الإلهيّة بشكل كامل. لذلك، تكمن الحكمة في إدراك حدود معرفتنا وتقبّل الجهل المكتسب، الّذي يعرف بأنّه نوع من الجهل المستنير الّذي يعترف بتواضع بعدم القدرة على الوصول إلى الحقيقة المطلقة. كما يقدّم كوسًا مفهوم “مصادفة الأضداد” لحلّ التناقضات الظاهرة في اللانهاية الإلهيّة. عبر دمج اللاهوت والميتافيزيقيا والفيزياء والرياضيّات، يتّضح أنّ المعرفة البشريّة تبقى دائمًا تقريبيّة
والكتاب الثاني
“محاكمة الأجنبيّ” هو كتاب كتبه أنطوان بيرمان، ونشر في عام 1984. في هذا الكتاب، يستكشف بيرمان تحدّيات وقضايا الترجمة الأدبيّة. يحلّل كيف يمكن أن تكون الترجمة اختبارًا للنصّ الأصليّ، ويسلّط الضوء على التوتّرات بين الإخلاص والخيانة، ويدرس الاستراتيجيّات المختلفة الّتي يمكن للمترجمين اعتمادها لإنصاف العمل الأصليّ مع جعله في متناول جمهور جديد. يعتبر هذا العمل مساهمة كبيرة في نظريّة الترجمة.
ومع ذلك، بناء على المعرفة الخارجيّة، تتناول “محاكمة الغريب” لأنطوان بيرمان بشكل أساسيّ الموضوعات التالية.
- الإخلاص والخيانة في الترجمة: يستكشف بيرمان كيف يتنقّل المترجمون بين البقاء صادقين مع النصّ الأصليّ وتكييف النصّ لجعله مفهومًا وملائمًا بلغة وثقافة أخرى.
- أخلاقيّات الترجمة: تدرس المسؤوليّات الأخلاقيّة للمترجم تجاه المؤلّف والنصّ والقارئ.
3 تناقش إستراتيجيّات الترجمة الأساليب والتقنيّات المتنوّعة الّتي يمكن أن يعتمد عليها المترجمون لتجاوز التحدّيات الّتي تواجههم. كما يسلّط الضوء على العلاقة بين اللغات والثقافات، موضّحًا كيف يمكن للترجمة أن تعمل كجسر يربط بين ثقافات مختلفة مع مراعاة خصوصيّات كلّ لغة. بالإضافة إلى ذلك، يقدّم بيرمان تحليلًا نظريًّا عميقًا حول طبيعة وأهداف الترجمة الأدبيّة. تعتبر هذه المواضيع أساسيّة في أعمال بيرمان، وقد كان لها تأثير كبير على مجال دراسات الترجمة.
الكتاب الثالث
“نيتشه: مدخل إلى فلسفته” هو كتاب كتبه الفيلسوف الألمانيّ كارل ياسبرز، حيث يقوم فيه باستكشاف الفكر المعقّد والمثير للجدل لفريدريك نيتشه. يتناول الكتّاب الموضوعات الرئيسيّة التالية
- إرادة السلطة: يركّز ياسبرز على فكرة نيتشه الأساسيّة الّتي ترى أنّ إرادة السلطة هي القوّة المحرّكة للإنسان. يتناول تأثير هذه الفكرة على مفاهيم نيتشه بشأن الأخلاق والثقافة والمجتمع.
- سوبرمان: يقوم بتحليل مفهوم سوبرمان كمثل أعلى للإنسان الّذي يتجاوز القيم التقليديّة، ويبتكر قيمه الخاصّة. ويشرح كيف أنّ نيتشه يعتبر سوبرمان نتيجة لـ “موت اللّه” وأزمة القيم.
- العود الأبديّ: يستعرض كارل ياسبرز العقيدة المتعلّقة بالعود الأبديّ، الّتي تفترض أنّ الكون، وكلّ ما يحدث فيه يتكرّر إلى ما لا نهاية. يناقش كيف تؤثّر هذه الفكرة على فلسفة نيتشه، وكيف تدفعنا للعيش بكلّ لحظة بشكل كامل.
- نقد الأخلاق التقليديّة: انتقد نيتشه الأخلاق المسيحيّة والقيم التقليديّة، معتبرًا إيّاها تعبيرًا عن الضعف. يحلّل كارل ياسبرز هذا النقد ورؤية نيتشه ل “أخلاق الأسياد، ككتب كارل ياسبرز عملًا بعنوان “نيتشه: مقدّمة في فلسفته” (بالألمانيّة “Nietzsche: InfüHung in was VerseäNazis seines Philosophers”)، الّذي صدر في عام 1936. يقدّم ياسبرز في هذا الكتاب تحليلًا عميقًا لأفكار فريدريك نيتشه، ويستعرض المفاهيم الأساسيّة الّتي طرحها، مع وضع عمله في سياق الفلسفة الغربيّة بشكل عامّ.
يتناول ياسبرز مفاهيم نيتشه الجوهريّة مثل إرادة السلطة، والعودة الأبديّة، وفكرة الرجل الخارق، بالإضافة إلى نقده للأخلاق. كما يبرز الجوانب الوجوديّة والنفسيّة في فلسفة نيتشه، مشيرًا إلى تأثيره الكبير على الفكر الحديث.
يعدّ هذا الكتاب إضافة قيّمة لدراسة نيتشه، ويظلّ مرجعًا مهمًّا لكلّ من يهتمّ بفلسفته وتأثيراتها على الفلسفة المعاصرة. كان كارل ياسبرز (1883-1969) فيلسوفًا وطبيبًا نفسيًّا من ألمانيا، وغالبًا ما يرتبط اسمه بالوجوديّة والظواهر.
الكتاب الرابع “على قمم اليأس” هو عمل من تأليف إميل سيوران، الفيلسوف وكاتب المقالات الرومانيّ. صدر هذا الكتاب في عام 1934، ويعتبر من بين أولى كتاباته، حيث يعكس تأمّلاته العميقة حول الوضع الإنسانيّ وتجربة اليأس وعدم معنى الوجود. فيما يلي ملخّص لأهمّ الموضوعات الّتي يتناولها الكتاب
- اليأس: يتناول سيوران الشعور العميق باليأس الّذي يميّز الوجود البشريّ، حيث يصفه كظاهرة مؤكّدة ومتكرّرة تدفع الشخص لمواجهة فراغ الحياة.
- الحالة الإنسانيّة: يفحص المؤلّف الحالة الإنسانيّة بنظرة متشائمة، حيث يبرز معاناة الحياة وعبثيّتها وضعفها. ويتحدّى القيم والمعتقدات الّتي تعطي للوجود معنى.
- الموت والعدم: يتناول سيوران الموت والعدم كحقائق لا يمكن تجنّبها. ويعتبر الوعي بالموت مصدرًا لليأس، لكنّه في الوقت نفسه يراها كحقائق محرّرة تكشف عن عدم جدوى الطموحات البشريّة.
- العزلة: تعدّ الوحدة موضوعًا يتكرّر بشكل بارز في كتابات سيوران، حيث تعتبر العزلة شرطًا جوهريًّا للتفكير الفلسفيّ، لكنّها في الوقت نفسه تمثّل مصدر معاناة عميقة.
- الثورة: بالرغم من نظرته المتشائمة، يظهر سيوران نوعًا من التمرّد على عبثيّة الحياة، حيث يستكشف إمكانيّة الوصول إلى شكل من أشكال الحرّيّة والكرامة من خلال تقبّل اليأس.
- عدم جدوى الفلسفة: ينتقد سيوران الفلسفات التقليديّة لعدم قدرتها على تقديم إجابات مرضيّة للأسئلة الأساسيّة المتعلّقة بالوجود. وينادي بتبنّي منهج أعمق وأكثر استبطانًا يرتكز على التجربة الشخصيّة لليأس.
باختصار، “على قمم اليأس” هو عمل استبطاني يحمل طابعًا متشائمًا، يستعرض أعمق جوانب الحالة الإنسانيّة. يعبر سيوران فيه عن خيبة أمله من الحياة، بينما يسعى لفهم وقبول اليأس كجزء أساسيّ من الوجود.