لعبة كلمات هائمة

إبراهيم محمود
عطستْ عشبة في نومها
فتنبهتْ لها صخرة في أقاصي الأرض
ترددَ صداها في قرن أيل متوَّج بسهله
حدث زلزالٌ في رقعة نائية عن صخب العالم
صرخ المحيط القطبي: ماذا سيجري بعد ؟
* * * *
غازل يعسوبٌ يعسوبته
أغميَ على صوفيّ مخضرم في الجوار
شهق ورق على وشك نفاد أنفاسه الأخيرة
اشتعل فحمٌ حجري على مبعدة كافية
أطلق نمر فتي لساناً دفيئاً لاحتضان نمرته الفتية
* * * *
اشتكى نبعٌ أسْرَه في زنزانة تحت الأرض
مجرى جافٌّ استصرخ ضمير الأرض
شجرة على مرمى خيال قصي لطمت عريها
كان الهواء يسجّل ملاحظاته بدقة
وحده المجهول كان يستفز المعلوم
* * * *
امرأة دعكت شفتيها ببعضهما بعضاً
عاشق على مسافة فرسخ اندلع شوقاً كتيماً
قيثارة انتحبتْ ببوحها اليتيم
غابة الروح شدتْ سحابة عامرة إليها
ثمة طريق سمّى نفسه وسيطاً
* * * *
الرصاصة لا تنام كعادتها
هناك جسد يخشى الأزيز ولو في نومه العميق
هناك إصبع تتآمر دائماً على بقية الأصابع
الطبيعة واقعة في حيرة من أمرها
النزيف لا يتوقف بلامبالاة
* * * *
منعطفٌ يدلي بشهادته في المسافة
كل الزوايا تعلن حالة استنفار
أي انقلاب يحدث في مضمار رفة جفن
ما المنتظَر من صدام المرئي بنقيضه  ؟
* * * *
يتثاءب الدفتر بصفحة مفتوحة على عدمها
قلمٌ أضناه تنمّلُه في المحفظة
للسان أن يسمّي غدده اللعابية
ورق الشجر أبدى تأسفَه على المنظر
رفع الجمال دعوى تحرش جنسي متعمد
* * * *
مدت الحرباء لسانها منتهكة حرمة الهواء الحالم قليلاً
أعلنت رملة حداداً على حرمة الجوار المستباحة
اللغة شعرت بتهافت بلاغتها
النهر الطويل بحكمته انكمش على نفسه
أبدت خشبة منخورة ذهولها مما يجري
* * * *
نقطة الماء تنفستْ صحبة تنهيدة عميقة
ساندها جبل معممٌ بالنجوم
كرر سهل أن لا يد له في الجاري
صرخ النبع أنْ لا بد من منْع التجول
بصمت ٍ نطقت الشمس لعل أيامي تستشرف نهايتها
* * * *
طفل يهذّب شيخوخة مسنّ
مستقبلُه ينكّد ماضيه
التاريخ يفقد زمام السيطرة على نفسه
الأرض تُصاب بالدوار
قابيل يصرخ في وجه والديه أنا ثمرتكما المسمومة
* * * *
ثورة تعلن عن نفسها بغتة
يتوجس نهر خيفة من نبعه
صخرة في أعلى قمة جبل تكتم صوتها
الحفارون يتوارون عن الأنظار
الطرقات مزكومة بالفراغ المريب والمقنَّع

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…

سيماف خالد محمد

في المطبخ كعادتي كل يوم استيقظتُ على فنجان قهوة أُحاول به أن أفتح عينيّ وأمنح نفسي شيئاً من التركيز قبل أن أبدأ بتحضير الغداء.

بينما كنتُ منشغلة بالطبخ أفتح هذا الدرج وذاك، دخلت أختي مايا تحمل لابتوبها جلست أمامي، فتحت الجهاز لتعمل عليه وكأنها أرادت أن تؤنس وحدتي قليلاً وتملأ صمت المطبخ بأحاديث خفيفة.

لم…

فراس حج محمد| فلسطين

تثيرني أحياناً في بعض الكتب عتباتها التمهيدية، من الغلاف وتصميمه، وما كتب عليه في الواجهة وفي الخلفية (التظهير)، والعتبات النصيّة التمهيدية: العنوان، والإهداء، والاقتباس الاستهلالي، وأية ملحوظات أخرى، تسبق الدخول إلى عالم الرواية أو بنيتها النصيّة.

تقول هذه العتبات الشيء الكثير، وتدرس ضمن المنهج البنيوي على أنها “نصوص موازية محيطة”، لها ارتباط عضوي…