ذئبٌ و إن ثغا

أحمد عبدالقادر محمود
إشتكت الأغنام من إستمرار إختفاء خِرافها، فتقدمت بشكوى لقيادة القطيع، لمعالجة هذا الأمر الخطير، وإيجاد حلٍ لإيقاف هذا النزف الذي قد يودي لهلاك القطيع، استجابت القيادة لفحوى هذه الشكوى، و أوعزت بتشكيل فرق حراسة خاصة تتناوب فيما بينها على مدار الأسبوع، لحماية القطيع من أي عدوانٍ خارجي .
رغم ذلك أستمر إختفاء الخراف، بيدا أن تقارير الحراس اليومية كانت تنفي وجود أي خطرٍ، و أن الأمور تجري في مسارها الطبيعي،
اللجنة المكلفة بقراءة التقارير اليومية، أعادت قراءة التقارير و درستها بدقة أكبر، فوجدت ملاحظة مشتركة في جميع التقارير المرفوعة إليها، تلك الملاحظة المدونة كانت تشير إلى أن احد الأغنام عاداته تختلف عن العادات المتعارف عليها لدى أغنام القطيع، فقررت اللجنة مراقبته عن بُعد كي لا تثير الشكوك أولا وكي تعمل بحذر يفضي إلى نتيجة ثانياً، فربما تكون شكوكهم ليست بمحلها، وأن الأمر لا يُعد كونه إلا ضمن الأمور الطبيعية .
ولكن المفاجئة كانت أنهم توصلوا أن هذا الكائن يكون أي شيء ما عدا أن يكون أحد الأغنام، ورفعوا الدراسة للقيادة للنظر في الأمر و إجراء اللازم،
تم إستدعاء هذا الكائن للتحقيق معه، حضر الكائن المستدعى بكل شجاعة إلى مركز القيادة و بكل هدوءٍ و وقار،واجه لجنة التحقيق .
هم يسألون وهو يجيب، إستمر الاستجواب لثلاثة أيام، بعدها قررت لجنة التحقيق عقد إجتماعٍ مغلق للبت في أمره، أحد المحققين قال :
أرى أنه مثلنا بكل شيء ولم أرى عليه أي إختلاف عنا سوى أن عيناه مخيفتان، أما المحقق الثاني فقال :
نعم أنا أيضا لاحظت ذلك و لاحظت أيضاً أن فروته كانت تتغير كل يوم،
المحقق الثالث : يا إخوان هذه الملاحظات صحيحة وأنا أيضاً لاحظتُ بعض الغرائب فيه، كمشيته و نبرة ثغائه و رشاقته، ولكن كل هذه الملاحظات ليست كافية للحكم بأنه لا يشبهنا، أقترح أن نعطيه فرصة الإستمرار ضمن القطيع، ربما أفراد القطيع يتوصلوا إلى ماهيته بإختباره عن قرب .
بعد مرور الأعوام إعتلى هذا الكائن قيادة القطيع وبات الأمر الناهي بتقرير مصيره، منتظراً الوقت المناسب كي يعلن ماهيته، والواقع هذا، نهضت أصواتٌ تصرخ بأعلى ما يمكن، يا إمعات إنه ذئبٌ إنه ذئب ولو ثغا أو مأمأ .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

بدعوة من لجنة الأنشطة في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا، وبالتعاون مع ممثلية اتحاد كتاب كردستان، احتضنت قاعة كاريتاس اليوم١٧-٨-٢٥ في مدينة إيسن ندوة نقدية موسعة حول رواية “كريستال أفريقي” للروائي هيثم حسين.

أدار الندوة التي حضرها جمهور نخاوي من الكتاب والشعراء والصحفيين ومتابعي الأمشطة الثقافية
الناقد صبري رسول، وشارك فيها عدد من الأدباء والنقاد…

بهرين أوسي

تقف الأديبة الشاعرة الكردية مزكين حسكو في فضاء الشعر الكردي الحديث، شاهدة على قوة الكلمة في مواجهة تشتت الجغرافيا. جبل شامخ كآرارات وجودي لم تنل منه رياح التغيير القسرية.

شاعرة كرّست قلمها لرسم جماليات الهوية الكردية من منفى اختاره القدر، فنسجت قصائدها بلغة أمّها كوطن بديل يحمل عبق تلال كردستان ووجعها. كما تقول في إحدى…

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…