مشاهد غزّة الآيلة للحياة

هند زيتوني| شاعرة سوريّة
 
هبًّ البحرُ،
ينثرُ ملحه كتعويذة  تطهّر جراح المدينة،
يغسلُها من الحزن،
ويسقيها من نبع الحياة قطرة أمل.
خرج الموتى،
يتمايلون في حلبة الريح،
يلقون النشيد المقدّس
على حقولٍ أثقلها التعب.
خرج الرسّامُ من المجزرة،
بيدٍ مقطوعة
ولوحاتٍ معفّرة برصاصٍ آثم،
وأحمرٍ خجول.
من يُعيد للألوان زهوها؟
غزةُ،
أيّتها المدينة العالقة
بين فكّي (الميركافا)
وعويل الطائرات،
كيف تحيا الذاكرةُ
حين يُشفق علينا النسيان؟
هناك،
كان الزمنُ يجلدُ نفسه،
والأشرارُ يحملون
صخرة سيزيف
من القاع إلى القمّة،
لتسقطَ فوق رؤوسنا.
هناك،
تنبتُ الأكفانُ زهرةً مقدّسة،
يرويها الإله بعناية الشهيد،
بينما نضجَ الموت
ولم ينضج رغيفٌ واحدٌ للجياع.
هنا،
طأطأت القصائدُ رؤوسها،
خجلاً من لغاتٍ بلا نصال،
عاجزة عن أن تجرح هيولى الرعب
القاتلُ يخفي رأس القتيل
تحت قبّعة الساحر،
والإلهُ يكتبُ على لوح الصمت:
“لو لم تخطئوا،
لمنحتكم شهوة الفراديس”
كلنا قاتلٌ أو مقتول،
نضجنا في لغة الدم،
ونسكن في شقوق الزمن
حيث تسيل لعناتٌ لا تجف.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غالب حداد

1. مقدمة: استكشاف “العالم الجميل الموجود”

تُقدّم مجموعة القاص والشاعر الكردي السوري عبد الرحمن عفيف، “جمال العالم الموجود”، نفسها كعمل أدبي ذي كثافة شعرية فريدة، يرسم ملامح مجتمع مهمش، ويحول تفاصيل حياته اليومية إلى مادة للتأمل الفني والوجودي. ويأتي تحليل هذه المجموعة، التي تمثل تطورا لافتا في مشروع عفيف الأدبي الذي تجلت ملامحه…

مصطفى عبدالملك الصميدي| اليمن

باحث أكاديمي

هي صنعاء القديمة، مدينة التاريخ والإنسان والمكان. من يعبر أزِقَّتها ويلمس بنايتها، يجد التاريخ هواءً يُتَنفَّس في أرجائها، يجد “سام بن نوح” منقوشاً على كل حجر، يجد العمارة رسماً مُبهِراً لأول ما شُيِّد على كوكب الأرض منذ الطوفان.

وأنتَ تمُرُّ في أزقتها، يهمس لك الزمان أنّ الله بدأ برفع السماء من هنا،…

أُجريت صباح اليوم عمليةٌ جراحيةٌ دقيقة للفنان الشاعر خوشناف سليمان، في أحد مشافي هيرنه في ألمانيا، وذلك استكمالًا لمتابعاتٍ طبيةٍ أعقبت عمليةَ قلبٍ مفتوح أُجريت له قبل أشهر.

وقد تكللت العمليةُ بالنجاح، ولله الحمد.

حمدا لله على سلامتك أبا راوند العزيز

متمنّين لك تمام العافية وعودةً قريبةً إلى الحياة والإبداع.

المكتب الاجتماعي في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في…

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…