ومضات برائحة الخيبة

عبد الجابر حبيب
بَحَثْتُ عَنْ الحَقِيقَةِ،
فَسَقَطَتْ عَيْنَايَ فِي بِئْرٍ عَمِيقَةٍ،
وَتَصَدَّعَتَا كَمِرْآةٍ مِنْ جَلِيدٍ،
أَمَّا البَاطِلُ فَقَدْ ضَغَطَ عَلَى يَدِي،
لِيَسْقُطَ مِنْ نَبْضِي
مَا تَبَقَّى مِنْ نَقَاءٍ،
كَظِلٍّ زَائِلٍ.
******
مَدَّدْتُ يَدِي لِلْحُبِّ،
فَلَدَغَتْنِي أَصَابِعُهُ الرَّطْبَةُ،
ضَحِكَ كَخُدْعَةٍ هَشَّةٍ،
غَيَّرَ مَلَامِحَهُ فِي لَحْظَةٍ،
وَحِينَمَا قَبَضْتُ عَلَيْهِ،
ذَابَ كَجَسَدٍ بِلَا رُوحٍ.
******
طَرَقْتُ أَبْوَابَ الصَّدَاقَةِ،
فَفَتَحَتْ أَفْوَاهٌ بِلَا شِفَاهٍ،
اِلْتَهَمَتِ الجُدْرَانَ،
وَخَرَجَتْ كُفُوفٌ مِنْ رَمَادٍ،
فِي عُيُونِهَا سِكَّاكِينُ،
تَنْتَظِرُ لَحْظَةَ سُقُوطِي.
*******
بَحَثْتُ عَنْ الرُّجُولَةِ،
فَوَجَدْتُ أَصْوَاتًا مَشْرُوخَةً،
وَجُلُودًا يَحْشُوهَا الرِّيحُ،
تَمَاثِيلَ مِلْحِيَّةً فِي الظِّلَامِ،
مَا إِنْ لَامَسَتْهَا الحَقِيقَةُ،
حَتَّى رأيتها،
كَصَفْصَافَةٍ فِي مَاءٍ آسن.
********
نَادَيْتُ عَلَى الإِنسَانِيَّةِ،
فَانْفَلَقَتِ الأَرْضُ عَنْ وُجُوهٍ بِلَا أَفْوَاهٍ،
عُيُونٌ مَحْشُوَّةٌ بِالرَّمَادِ،
تَقَدَّمْتُ خُطْوَةً،
فَانْهَالُوا عَلَيَّ كَأَشْبَاحٍ جَائِعَةٍ،
كُلُّهُمْ يَحْمِلُونَ مَلَامِحِي،
لَكِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَنِي.
********
بَحَثْتُ عَنْ الْمَرْأَةِ،
فَأَمْسَكْتُ بِرِيشَةٍ مَعَلَّقَةٍ
بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْوَحْلِ،
ذَبَحُوهَا فِي صَمْتٍ هَادِئٍ،
عَلَّقُوهَا فِي الْهَوَاءِ،
لِتَظَلَّ بِلَا عُنْوَانٍ،
لَا تَنْتمَي لِأَحَدٍ.
*********
فَكِّرتُ فِي الطِّيبَةِ،
فَتَنْبُتُ لِي كُفُوفٌ جَدِيدَةٌ،
صَافحت بِهَا الْآفُقَ،
لَكِنَّ السَّمَاءَ تخلى عن لونه الأزرق،
وَ صَارَ الماء شَفَّافاً أَكْثَرَ،
حَتَّى وَجْهِي ابتلعته ،
مِرآة مغبشة
*******
اِسْتَنَدْتُ عَلَى الثِّقَةِ،
فَانْشَقَّتِ الأَرْضُ عَنْ
فَرَاغٍ يَحْدُقُ بِي،
وَامْتَدَّتْ إِلَيَّ يَدٌ،
يَا لَلْغَرَابَةِ، إِنَّهَا يَدِي،
لَكِنَّهَا تَنكَرُنِي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نارين عمر

 

يمكن التّوقف هنا على أهم فصول وأبواب الكتاب، حيث يتطرّق الكاتب إلى ست روايات لستة روائيين عرب لتكون شواهد على شواطئ النّص/ الاقتباس التّمهيدي في الرّواية العربية، وهم حيدر حيدر، عبد الرحمن منيف، صنع الله ابراهيم، ابراهيم الكوني، جبرا ابراهيم جبرا وسالم حميش.

((دأب حيـدر حيـدر ابـتـداء بروايتـه الأولى (الفهـد) ما على جعله عتبة…

غريب ملا زلال

 

أن تموت كماعز

سلب من الاخرين

أجمة تجنح الى الخيال

أن تموت

في غفلة عن كؤوس

كانت تدلف في شوارع خلفية

من المدينة المثيرة

منذ قرون

أن تموت في تسارع

مع رجال يتأبطون الشمس

باختصار مع امبراطورية

رسمت المهد القديم

أن تموت

وحيداً —بعيداً

عن طرقات

كانت طافحة

بحشود قادرة

أن تعبر المستحيل

عن طرقات

باتت مرتعاً للغرباء

وأناشيد الظلام

أن تموت

على نحو

يثير فيك العبادة

لغائب لن يأتي يوماً

أن تموت متوسلاً الى الاحمر :

هذه أنهاري

تدفقت…

ا . د . قاسم المندلاوي

 

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن عملاقين عاشا حياة صعبة ملئ بالمرارة والحزن و معاناة و مضايقات يومية ، فهاجراحدهم الى السويد هربا من ظلم وجحيم الطاغية صدام حسين الذي امر بالهجوم يوم 16 / 3 / 1988 على مدينة حلبجة الكوردية بالاسلحة الكيميائية المحرمة دوليا…

نارين عمر

من خلال التّنزه في وعلى شواطئ الكتاب المعنون “شواطئ النّص، الاقتباس التّمهيدي في الرّواية العربية” للكاتب الدّكتور ولات محمد الصّادر عن منشورات دار لوتس للنّشر الحر، الإصدار رقم 757 يناير 2024 سوف نجد أنّه بذل جهداً كبيراً في كتابته وإعداده، وخصّص له سنوات طويلة ليكون الكتاب الأوّل في النّقد العربي الذي يخصّ عتبة…