إبراهيم محمود
بياضٌ تقطَّر منك ِ
اشتعل ليلُ رغبة تليد
توسلت إلى الصباح طويلاً
أن تتأخر الشمس في ظهورها
وأنا أتدثر بذلك المتقطر من بياضك
وأنا أتنفس تلك العينة التي
ألهمتني لعمر يأتمر به زمن قادم
أي متصوف أنا في تكية وجدك الأعظم؟
كيف لبياضك
أن يقلق سواداً هو جذره التكعيبي
أن يفتتن الأصل بالفرع
أن تغيّر الغابة المتشحة بالسواد وجهتها إليك
كيف لظلال تبتهل إلى فيزيائها بجرعة منه
كيف لنبع يحلم بماء مكحّل بذلك البياض الهمجي
الذي يجعل الكلمة الواحدة نفسها صهيلاً متصادياً ؟
أكان علي أن أوغل إصبعي في أوقيانوس بياضك
أن أمرّر عمراً كاملاً في كريستال كيميائه المذابة في الهواء الطلق
أن أركّب مرآة تليق برغبتي التي أضناها عمر قادم
أن أهز يديّ استهلالاً لعناق يسلّمني إليك دفعة واحدة
أن يستحيل صدري اسفنجة تمتص شفافيته الجموح
أكان علي أن أعطي إصبعي كامل الصلاحية لرشفة منك تعيد صوغ تكويني
وأحيلني مقيم إصبع، فكيف لو كانت إصبعين ونيّفاً على الأقل؟
بياض منك بمثل هذه الحيوية والجنون الملهم
بياض بارد ثلجي القوام في موسيقا طافحة بعلى الأصوات
بياض ساخن في خيالات بركانية تبدد عتمة الأعماق، في موسيقا مهدئة حقاً
بياض بعمائم تخفي تحتها قمماً ذات موسيقا تتوزع اوركسترالياً لجهات دون جهات
بياض لطيور وذوات أربع وأشجار تفتخر بأرومة بياضها في إيقاعات شلالية
بياض منك أو عنك أو فيك تدفق الجبال خفيفة الروح تتنغم أصوات جنيات مائية
بياض مجهول النسب لكنه مأثرة نسل روحك يا روح دفوف تهتز لها أعماق الوديان الناعسة
سقّفيني ببياض يُسمّيك لعل فضاء يمدني بروح يصلها حتى بآخرتها
غيّميني لعل رعداً بياضاً يهز جدار بصيرتي الصيني لأراك بكامل قيافتك المقدامة
امطريني رذاذ بياض لعل مسامات جلدي تتشربك إلى نهايات الخصوبة
زوبعيني بسهم مارق ومشتهى من لطف بياضك لعل ثغراً يستشرف سراً منك يزهزه فضولي
برمجيني بماوس سريع البداهة من جهة بياضك كي أصادق ذبذبات بثي الإلهامية
أيقظي ينابيع توقي إليك لأطلق أنهاري في مجرى لقاء موصول بآت لا آت بعده
فجّري غابتي أشجاراً يثملها طرب زهوها من فيض بياض يخصك عن قرب
أبجديني بشيفرة بياض من لدنك لأفعّل ألفبائي بك وأنت الحضور المستدام داخلي
طوّبي اسمي برشقة بياض من نفحة نسيمية لأطهّر جسدي لتكون قيامة ظلي بك