سبع ميتات في ” أحبّك ِ”

إبراهيم محمود

 

عندما تهجأتُ ممتلئاً بك ” أحبك ِ “

فقدتُ رأسي في الحال

وتراءى لي جبلٌ جبلٌ جبل

جبل من صوان ودم وضوء وعسل وهواء فتي

له قمة ينتسب إليه شموخٌ فريدُ إقليمه

رأيتني مرفوعاً به إلى أعلى عليين

وأكسبتني نجوم من حنان وشجر يانع دون جذور

ملَكَة الامتلاء باللامرئي

حيث تكونين أنت بكل بهاء نسبك الكوكبي

 

عندما تهجأت مسكوناً بك ” أحبك “

فقدتُ صدري دفعة واحدة

انحدرت إلي سموات بكامله

وألبستني فضاءها اللامتناهي العجائب

كان الهواء المرفق له طعم الإكسير

وللكساء الذي دثَّرني لون الخلود

شعرتُني مرحَّباً بي

من أعماق لم يسمّها علم

وتخوم لم يلفظها رحالة جغرافي

حيث تمطرين أنت رحابة

 

عندما تهجأت صبابة بك ” أحبك “

فقدت قلبي على غفلة

خفقتْ في موقع القلب

أنهار لم تلدها ينابيع من قبل

وتزهزهت عرائس من خضرة ومقبّلات حياة

وغذتني طعوم مذابة أضاءت مساماتي

كانت الفراشات تخفق من بعيد

ثملة بشرارات تفلترها شرايني

حيث تكبرين أنت سمواً

 

عندما تهجأت إعجاباً بك ” أحبك “

فقدت كبدي في غمضة عين

أحسستها قطرة ضوء تثب خارجاً

لم أحسن تصريف المدة الزمنية حينها

وقد اشتعلت آفاق تترى استلهاماً منك

كان للأرض التي حلّت بجوار الرئتين

ملمس البلسم الذي لا يُرد عنفوان تكاثره

غير مستثن خلية مني دون وهْبها أبدية حاسمة

حيث يغتسل كاملي بالحبق المرذرذ من محياك

حيث تلوحين أنت بقلبك الذي يصدح حياة

 

عندما تهجأت تعلقاً بك ” أحبك “

فقدت يديّ بطولهما

ثمة ضوء خاطف أسندني

وأعلى قامتي في شغف اللحظة

جاءتني أمواج بالغة الوداعة تحملني بحنو

ما كنت أتنفس كالمعتاد

ما كنت أشعرني بمصارين وخلافها

وأنا مسنود بصوار لا تخطئ مهمة الارتقاء بي

 حيث ترمحين أنت أرضاً مزنرة بالأعالي

 

عندما تهجأت حنيناً إليك ” أحبك “

فقدت رجليّ دون ألم يُذكر

أفزعني السقوط المتوقع في اللامتوقع

قممٌ بكاملها تدفقت لتسلمني صلابتها ومرونتها

تيارات هواء موجهة ألبستني توازنها

جغرافية كاملة شعرتها نقاط ارتكازي

كنت أرى كل شيء وأعيشه في صمت مهيب

لكم حبَتني سموات بالقوام المستجد لي

حيث تبثين أنت بيديك الوليتين ما يبقيني في تمام استقامتي

 

عندما تهجأت ثملاً طافحاً بك ” أحبك “

غبت عن غيبي

ولم يعد لحضوري أي أثر من حضور

كان كل ما حولي يتصادى برزانة الشجر وعراقته

أهدتني غابات بالجملة أسرار حكمتها المقدسة

المياه المشبعة بالأوكسجين التي تستغرقني تماماً

النار لم تقصّر في واجبها وهي تترنم باسمي

الهواء الشغوف بما آل إليه أمري كان في غاية الطرب

التراب الممزوج بيقين البقاء للأصلح فيك تلبّسني كثيراً

وتردد صوت له صدى لا يقاوم: يا وطناً قادماً من غده الشجي

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

بدعوة من لجنة الأنشطة في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا، وبالتعاون مع ممثلية اتحاد كتاب كردستان، احتضنت قاعة كاريتاس اليوم١٧-٨-٢٥ في مدينة إيسن ندوة نقدية موسعة حول رواية “كريستال أفريقي” للروائي هيثم حسين.

أدار الندوة التي حضرها جمهور نخاوي من الكتاب والشعراء والصحفيين ومتابعي الأمشطة الثقافية
الناقد صبري رسول، وشارك فيها عدد من الأدباء والنقاد…

بهرين أوسي

تقف الأديبة الشاعرة الكردية مزكين حسكو في فضاء الشعر الكردي الحديث، شاهدة على قوة الكلمة في مواجهة تشتت الجغرافيا. جبل شامخ كآرارات وجودي لم تنل منه رياح التغيير القسرية.

شاعرة كرّست قلمها لرسم جماليات الهوية الكردية من منفى اختاره القدر، فنسجت قصائدها بلغة أمّها كوطن بديل يحمل عبق تلال كردستان ووجعها. كما تقول في إحدى…

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…