خَدَمَ العلم أكثر من أي عالم

ابراهيم البليهي

 

رجلٌ لم يتلق من التعليم سوى الأقل ولكن عقله الخارق هداه إلى اختراعٍ وفَّر أعظم وسيلة لتقدم الفكر والعلم وتعميم التعليم ونشر المعرفة …..

إن الأصل في الإنسان أنه كائن مقلد فهو يردد ما تلقاه ويلتزم بما اعتاد عليه فحتى أعرق الجامعات لا تدعي أنها تصنع مبدعين وإنما أقصى ما تسعى إليه هو أن تُخَرِّج أفواجًا لديهم القابلية لاكتساب المهارات والكفايات المهنية فالإنجاز المنتظَر منهم هو أن يبذلوا الجهد الكافي لاكتساب المهارات العملية اللازمة لكي ينفذوا الأوامر وأن يجتهدوا لتطبيق الخُطط وأن يضعوا المعرفة النظرية التي أبدعها الرواد موضع التنفيذ بعد أن يكتسبوا المهارات العملية التي هي فنٌّ فردي لا تتضمنها المعارف النظرية ….

ولأن الأداء العملي يختلف نوعيا عن المعرفة النظرية فإن الخبراء يستطيعون تمييز خطوط الأفراد فرغم أن الكل يستخدمون نفس الكلمات ونفس الخط إلا أن خطوطهم تختلف كما تختلف ملامح وجوههم وكذلك شأنهم في أداء أي عمل فتجليات الأداء هي تجسيد للفروق الفردية ……

إن الاختلافات النوعية بين مهارات الأفراد وكفاياتهم والتمايز الواضح بينهم ليس مستمدًّا من المذكرات المدرسية وإنما كل ذلك يعود إلى اختلاف الأفراد واختلاف قابلياتهم واختلاف الظروف التي تعَبَّأت بها هذه القابليات ……

إن الشهادات التعليمية مثل جواز السفر إنها تعطي الدارس بعض المفاتيح من أجل أن يكتسب مهارة الأداء في المجال الذي تخصص فيه …..

نعود للمخترع الألماني جوهان جوتنبرج إنه ليس أكثر من حداد لكنه متوقد العقل فمع امتداد عمله في ورشة الحدادة طرأت على ذهنه فكرة اختراع وسيلة تُسَهِّل طباعة الكتاب المقدَّس وتيسير تداول المعرفة عن طريق وسيلة تجعل إنتاج نسخ كثيرة من الكتاب شيئا متاحًا …….

كانت فكرة خارقة وقد أنجزها بكفاية باهرة فقدَّم للعلم ما لم يحققه العلماء لذلك  فإن الدكتور مايكل هارت حين درس التاريخ البشري لمعرفة المائة الأوائل الذين كانوا الأكثر تأثيرًا في المسيرة الإنسانية؛ وضع جوتنبرج في المرتبة (٨) بين مئات الملايين: فالصفوة مائة رائد خارق ويحتل هذا الحداد الذي لم يتلق من التعليم سوى الأقل المقعد الثامن من بين الصفوة فبدون شهادات قدَّم للإنسانية وللحضارة وللمعرفة والفكر والفن والأدب والإدارة خدمة عظيمة تتضاءل أمامها جهود أفواج من الخريجين الذين كابدوا التعلُّم اضطرارًا ويبقى عليهم أن يكتسبوا مهارات الأداء التي هي شأنٌ فرديٌّ مختلف عن المعرفة النظرية ………..

اهتم المبدع ستيفن زيفايج بالأفراد الشوامخ الخارقين فكتب يقول عن هذا الحداد الخارق: ((لقد أفلح فعْلُ جوتنبرج السحري بأن ينشر الكلمة الإبداعية المنتجة للثقافة؛ مضاعَفَةً آلاف المرات على وجه الأرض))

فقبل اختراع المطبعة عانت البشرية من صعوبات النسخ باليد فكانت الكتب نادرة وثمينة وكان تعميم التعليم يكاد يكون محالا  ولكنه بهذا الاختراع العظيم أزال هذه الحواجز وفتح المجالات لتطوير وسائل الطباعة والنشر ويبقى الفضل له في تدشين المجال فالمهم في أي مجال هو الاختراق الأول …………

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ا. د. قاسم المندلاوي

 

الفنان الراحل (صابر كوردستاني) واسمه الكامل “صابر محمد احمد كوردستاني” ولد سنة 1955 في مدينة كركوك منذ الصغر فقد عينيه واصبح ضريرا .. ولكن الله خالقنا العظيم وهبه صوتا جميلا وقدرة مميزة في الموسيقى والغناء ” فلكلور كوردي “، و اصبح معروفا في عموم كوردستان .. ومنذ بداية السبعينيات القرن الماضي…

فراس حج محمد| فلسطين

-1-

لا تعدّوا الوردْ

فما زالتِ الطريقُ طويلةً

لا نحن تعبنا

ولا هم يسأمون…

-2-

ثمّةَ أُناسٌ طيّبونَ ههنا

يغرّدونَ بما أوتوا من الوحيِ، السذاجةِ، الحبِّ الجميلْ

ويندمجون في المشهدْ

ويقاومون…

ويعترفون: الليلُ أجملُ ما فيه أنّ الجوّ باردْ

-3-

مع التغريدِ في صباحٍ أو مساءْ

عصرنة النداءْ

يقولُ الحرفُ أشياءً

ويُخفي

وتُخْتَصَرُ الحكايةُ كالهواءْ

يظلّ الملعبُ الكرويُّ

مدّاً

تُدَحْرِجُهُ الغِوايَةُ في العراءْ…

-4-

مهاجرٌ؛ لاجئٌ من هناك

التقيته صدفة هنا

مررتُ به عابراً في…

عبد الستار نورعلي

(بمناسبة عيد المرأة)

 

حين تكون المرأةُ الأحلامْ

تنسدلُ الستائرُ الحريرْ،

فلا نرى أبعدَ من أنوفنا،

وخافقٌ يضربُ في صدورنا،

فكلّ نبض امرأةٍ هديرْ

والمطر الغزيرْ،

 

نفتحُ حينها عقولَنا

أم نسرجُ الخيولْ

والسيفَ والرمحَ

وصوتَ الحلمِ الغريرْ؟

 

في حلمٍ

يُبرعمُ الربيعُ فوقَ صدرِها،

ينتظراللحظةَ كي يدخلَ في الفؤادْ،

يُعطّرُ الروحَ بدفء روحها،

يقتطفُ العشقَ

ويبدأ الحصادْ،

 

في كتبِ الروايةِ الأولى:

غزالةٌ تسلَقتْ تفاحةَ البقاءْ،

وانتزعتْ تفاحةً لتقضمَ الغرامَ

واللعنةَ، والدهاءْ،

 

امرأةُ العزيزِ راودَتْ فتاها

عنْ…

عبدالجابر حبيب

 

دور المسرح في المجتمع

المسرح ليس مجرد وسيلة ترفيه، بل هو فن يحمل رسالة، يعكس قضايا الناس، ويشكّل وعياً جمعياً. منذ نشأته، كان المسرح مساحةً للحوار، يسلط الضوء على المآسي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويجسد الأحلام والآمال. فهو “مرآة تُعرض عليها الفضائل والرذائل”، كما وصفه الكاتب المسرحي شكسبير.

يقول جان فيلار: “المسرح مدرسة الشعب”، وهذه المقولة…