الأصالة جوهر لا يصدأ

خالد حسو

الأصيل هو ذلك الإنسان الذي لا تفتنه المظاهر، ولا تغيّره المغريات، ولا تُبدّله المسافات، يبقى ثابتًا على مبادئه، راسخًا في قيمه، معتزًا بأصله وانتمائه، مهما تغيّرت الأوطان، أو تبدّلت الأحوال من حوله.
فهو لا ينسى جذوره، ولا يتنكّر لتاريخه، ولا يفرّط في تراثه مهما اشتدّت عليه المحن، أو ضاق به العيش، أو باغتته الحياة بتقلباتها وقسوتها.

الأصيل لا تقهره الغربة، ولا تشتّته المنافي، بل يحوّل وجعه إلى وعي، وحنينه إلى عزيمة، ويظل قلبه معلقًا بأهله وأرضه، يحملهم في روحه أينما حلّ وارتحل.
وهو لا يغترب عن ذاته، ولا يتنكّر لضميره، لأنه يحمل في داخله بوصلة أخلاقية لا تنحرف، وميزان قيم لا يختل، وروحًا مخلصة لا تتلوّن بتبدّل المصالح أو تبدّد العلاقات.

إن الأصيل كالمعدن النفيس، كالذهب الأصيل، لا يصدأ مهما طال عليه الزمن، ولا تفقده الشدائد بريقه، بل تلمّع جوهره وتزيده نقاءً.
كل التحية والتقدير لكل من ظل وفيًّا لأصله، مُتشبّثًا بتراثه، متمسكًا بأخلاقه، واقفًا بشموخ رغم العواصف، ومحتفظًا بإنسانيته رغم كل ما مرّ به من محن وتجارب وقهر وظروف صعبة.
هؤلاء هم النبلاء الحقيقيون… من يستحقون الاحترام في زمن باتت فيه الأصالة عملة نادرة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…