وطنٌ يُجلَدُ بالصمت

عبدالجبار حبيب

 

اقطعْ يدَ الوقتِ،

ما عادَ في الوقتِ

وقتٌ للانتظارْ

ارفَعْ نداءَك

في مهرجانِ نفاقِ الكبارْ

قُلْها بصوتٍ حارق:

كفى!

ثرثرتمُ فوق ثرثرتكم ثرثرة

سرقتمُ حتى ألعابَ الصِّغار

ثمَّ تركتُمُ الشعبَ

يقتاتُ من لهفةِ الانتظارْ!

 

جعلتُمُ البلادَ حقيبةَ موتٍ،

تسقطُ فوقَ رؤوسِ الأوفياء

سرقتمُ الكلماتِ من الأفواه،

وبِعتُمُوها في سوقِ العُملاءِ.

صوتُ الجياعِ؟

تدوسونهُ،

تساومُونهُ

في مزاداتِ فسادكم

يا جبناء.

 

الدواءُ؟

وثيقةُ سجنٍ

بأختامِ “وزارةِ السُّمِّ”

والطبيبُ؟

موظّفُ بلا ضمير

عبدٌ للفواتيرِ،

لا يلتفتُ لأيِّ وجع

ولو جاء النفير

 

كأنَّ الوطنَ كَفَنٌ

نُغنّيهِ كي لا نموتَ،

كي لا يُذاعَ أسماؤنا

في نشرةِ المساءِ

كمْ قراراً

سَحَقْتُم به رئةَ الشعبِ؟

كمْ مشروعاً

حوَّلتُم به حلمَهُ إلى مقبرة؟

كمْ جرحاً

سكبتم عليه الملحَ،

وقلتمْ:

“هذا دواءُ سكوتكم!”…

فاسكتوا أيها التعساء

 

كلُّ شيءٍ يُصادركَ:

الخبزُ،

والملحُ،

من قطرةِ الوقودِ،

إلى جرعةِ الماءِ.

من نسمةِ هواءِ المكيِّف

إلى رفاهيةِ الضوءِ؛

إنْ تَمرّدَ صاحبُ الوجاهةِ،

وأغلقَ بابَ صومعةِ الضجيج

ثمَّ ترككَ في العَتَمةِ

تُرتّلُ وحدكَ

نشيدَ الصّبرِ… مثلَ الشرفاء:

عاشَ الوطنْ… عاشَ الوطنْ!

ولكنْ…

أينَ أنتَ؟

من قهركَ اليوميّ،

من الكِبرياءْ؟!

 

متى تنفجرُ الحناجرُ

بالصوتِ

لا بالصّمتِ،

متى نكسرُ مرآةَ الخوفِ

متى نمزقُ مسودّاتِ الولاءْ؟!

لكل زعيم

لا يسمع أنين الفقراء

 

كفى! قد سئمنا السكوتَ

ونُحْنُ نُقَشِّرُ أحلامَنا

على أرصفةِ الغلاءْ!

فاصرخْ…

ولا تنتظرْ أن يُصنِّفَكَ الشعراءُ

في قوائمِ الثائرين

متى كان للمتخاذل

دفتر رسم

للورد… للشعر… للغناء

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…