الذئاب تنسى

هند زيتوني| سوريا

إلى الشاعرة الإيرانية شيوا أرسطوني التي انتحرت يوم الأربعاء 7 مايو 2025

***

وأنتِ تلعقينَ جرحكِ كالذئبة الهرمة 

وتنظِّفين فمَكَ من شفاهِ الفامبيرز 

اتركي ندباتِ قلبك مكشوفةً

 سيذوُّبها أسيدُ النسيان 

حطِّمي مرآةَ الوجوهِ الآثمة

واهبطي من قطارِ القسوة

لملمي رمادَ حبِّك القديمِ في زجاجة

 لترميها في قاع البحر

***

 اغتسلي جيداً بوهجِ الصباح 

 ستخرجُ من جلدكِ رائحةُ حبيبك الخائن

الخيانة: ملحٌ نرشُّه فوق الجرحِ المفتوح كي لا ننسى 

الذئابُ تنسى كثيراً

ولذا تمشِّطُ حقولَ الجسد مرَّتين دون أن تنتبه 

ودون أن تنظرَ إلى وداعةِ العينين الدامعتين 

   أو إلى حبَّةِ التوتِ التي تنزف 

ولا إلى حقول اللافندر التي تفرشُ النهد  

***

وأنتِ تمزِّقين آخرَ دفترٍ من دفاترِ الحُبِّ بيدٍ من حديد

 وتجهضينَ آخرَ أغنيةٍ جارحةٍ من رحمك 

انفخي آهاتِك الحزينةَ في ناي الوداع 

عانقي الريح…

وقبِّلي القمر!

سيغسلُ بضيائه نجماتِ روحك الباهتة  

سترقصين حول خصرِ الأرض وتبهجين الكون

بنورك الجديد

سترقصين كما لم ترقصي من قبل

***

غداً عندما نلتقي في مدرسة الإله

سنقفُ في طابورٍ طويل 

سنلقي قصائدنا المرصَّعة بالخوف والدموع

ستهمسين بأذني يا شيوا : هل بإمكان القصيدةِ أن تمحو الذنوب؟ 

هل ستقودنا الملحمةُ إلى شهوة الفراديس؟

***

لكنَّ الشِّعر سيمرُّ أمامنا كرجلٍ غريب 

كأنّه لم يضمَّنا لصدره من قبل

كأنّهُ لم يقطف من قلوبنا وردةَ الحزن الأخيرة  

ولم يطلقِ الرصاصَ على غيومِ كآبتنا 

سيبتسمُ ابتسامةً باهتةً ويجرُّ جثثَ الشعراء بصمتٍ ويختفي.

***

غداً سننفضُ التراب عن ذاكرتنا

وربّما نرتجفُ حين يسألنا الربّ 

أيها الموتى: هل تتذكرون أسماء عشيقاتكم

سيكونُ أحدنا خجلاً عندما ينظرُ إلى صفحته الفارغة 

 لأنّه لم يقترف قبلةً ولا عناقاً

ستقرعُ الأجراس، ونرتِّلُ ما تيسَّرَ من الندم

ستتفتَّحُ الأزهارُ على أصابع الإله

ويلقي القبضَ علينا

بمتعةِ صيَّادٍ أجهزَ على فريسته…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…

إبراهيم سمو

عالية بيازيد وشهود القصيدة: مرافعةٌ في هشاشة الشاعر:

تُقدِّم الكاتبة والباحثة عالية بيازيد، في تصديرها لأعمال زوجها الشاعر سعيد تحسين، شهادةً تتجاوز البُعد العاطفي أو التوثيقي، لتتحوّل إلى مدخل تأويلي عميق لفهم تجربة شاعر طالما كانت قصائده مرآةً لحياته الداخلية.
لا تظهر بيازيد في هذه الشهادة كامرأة تشاركه الحياة فحسب، بل كـ”صندوق أسود” يحتفظ…