هكذا تحرقني شمسُ المغيب

فواز عبدي

 

هكذا تحرقني شمسُ المغيبْ

            لا بحر يُطفئها

                        ولا ظلّ الغريبْ.

وقفتُ وحدي عند نهرٍ

            غازلتْ أمواجُه وجعي العتيقْ

يا أيّها الراينُ

            أما شعرتَ

                        بلهيبِ قلبي

                        والصمت المهيبْ؟

أتدري؟

كنتُ أعرف نهراً قبلك

            أصغر من همسك

            أنقى من ندف الثلج في عيني طفل

كان اسمه “نقاره”

            وكان يغني!

                        لكنه الآن فيك غرق

ابتلعتَ ضحكته

            وملوحةَ خبزِ أمي

            وصهيلَ صباحاتي الصغيرة.

 

سنةٌ

            تلتها سنون وانقضت

ومازلتُ أمشي

            كأنّ الخطى لا تعرف الطريق.

هذا الغروبُ يرسمني ظلّاً

            بلا وجهٍ

            بلا صوتٍ

            بلا صديق.

في كلِّ غصنٍ يابسٍ وجدتُني

            وفي المدى

ضاعت ملامح غربتي في المبتدى.

ما كنتُ أدري أنَّ للمنفى وجوهاً

                        تشبه الأوطان

                                    ولكنْ دون نبضٍ… أو صدى.

 

هكذا تحرقني…

            شمسُ المغيب

تذيب في صدري الكلام

تُذكّرني بمن نسيتُ اسمه

وتعيدني لمدنِ الألم والسهام.

لكنني…

            ما زلتُ أفتح للنهار يديّ

وأمشي نحو شمسٍ

                        تنفض رماد الحرائق عن نفسها

                                    وفي الروح تستريح.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…