غرب كوردستان.. عمالقة موسيقى وغناء الكورد (3)

ا. د. قاسم المندلاوي


الفنان الراحل “سعيد يوسف”

ملحن ومغنٍّ، وُلد في القامشلي عام 1947، ولُقّب بـ”أمير البزق”، وهو لقب منحته له نقابة الفنانين السوريين. يُعتبر أحد أعمدة الفن في غرب كوردستان، وقد عمل لأكثر من خمسين عامًا على تطوير الموسيقى الكوردية. من أبرز مؤلفاته كتاب “بدائع تعليم البزق”. وخلال مسيرته الفنية، ترأس عدة لجان تحكيم، من بينها لجنة تحكيم مواهب مسابقات الفلكلور الكوردي في القامشلي.

عاش معظم حياته الفنية في بيروت، وفي عام 1973 أسس فرقة “نوروز” بالاشتراك مع الفنانين محمد شيخو ومحمود عزيز شاكر. كما قدم برنامجًا أسبوعيًا عبر تلفزيون لبنان، كان يعرض فيه أغانٍ كوردية مصحوبة بعزف على آلة البزق.

من أعماله الفنية الأخرى، قام بتلحين أغانٍ لعدد من المغنين والمطربين الكورد والعرب، مثل سميرة توفيق وسعاد محمد وغيرهم. زار العديد من البلدان الأوروبية وأقام حفلات فنية فيها، ونال جوائز تقديرية متنوعة. كما زار دولة الإمارات العربية المتحدة وأقام فيها عدة حفلات فنية.

خلال مسيرته الفنية، ألّف وغنى أكثر من 700 أغنية، وحصل على أكثر من 25 جائزة محلية ودولية تقديرًا لأعماله وجهوده في تطوير الأغنية الكوردية. وفي النرويج، أُقيم له تمثال من البرونز في معهد الموسيقى، كما أصدرت جامعة أوسالا السويدية طابعًا يحمل صورته.

أما منظمة اليونسكو في باريس، فقد منحته أسطوانة ذهبية عام 1973، تتضمن تقاسيم وعزفًا على آلة البزق الخاصة به.

في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية بتاريخ 21 / 8 / 2017 في أربيل، من ترجمة وتحرير آزاد جمكاري، قال الفنان سعيد يوسف:

“على الرغم من المحظورات والصعوبات التي واجهتها، غنيت العشرات من الأغاني القومية. غنيت عن الراحل ملا مصطفى البارزاني، وهي الأغنية الوحيدة التي غنيتها لقائد كوردي.
إذا لحّنت دواوين كاملة عنه، فلن أُوفيه حقه. فالقائد ملا مصطفى البارزاني علّمنا معنى الكوردايتي في وقت كنا نبحث فيه عن هويتنا. علّمنا القومية والحرية، وأكد أننا شعب له تاريخ ومن حقه أن يعيش على أرضه بحرية وسلام.
أستطيع أن أقول إنه قدوة لكل كوردي في العالم، قدوة للجيلين: القديم والقادم. لذلك غنيت لهذا القائد الكوردي العظيم قبل أكثر من أربعين عامًا.
أمنيتي قبل أن أموت أن أرى كوردستان مستقلة.”

توفي الفنان سعيد يوسف يوم 26 / 2 / 2020 في إحدى مستشفيات تركيا. رحمه الله.

ذكرياتي مع الفنان الراحل

في عام 1972، التقيتُ بالفنان الراحل سعيد يوسف في إحدى الحفلات الكوردية في بيروت، وكان في أوج نشاطه وعطائه الفني، الموسيقي والغنائي. تميز بروح كوردية ثورية، وكان يهدف من خلال أعماله الفنية إلى تعريف المجتمع اللبناني بالثقافة الفنية الكوردية.

كان الراحل يُعدّ “سفير الكورد في لبنان”. وعندما علم أنني أستاذ كوردي أعمل في معهد التربية الرياضية والجامعة الأمريكية في بيروت، دعاني إلى منزله في رمل الظريف – شارع الحمراء، وكان منزلي أيضًا في نفس الشارع، ما أتاح لنا اللقاء في أغلب الأوقات.

كان يحدثني عن مشكلة كورد لبنان فيما يتعلق بالجنسية اللبنانية، وطلب مني التعاون لرفع اسم الكورد عن طريق الفن، والرياضة، والإعلام. كنت حينها أنشر مقالات في الصحف اللبنانية اليومية مثل صحيفة كوردستان وصحيفة بيروت، وفي بعض المجلات مثل: العربي، الحسناء، الرياضة والجمال، النجوم الرياضية وغيرها.

كما طلب مني دعم نادي الأرز، نادي الشباب الكوردي في بيروت. وعندما كنت أزوره، كان يعزف لي على آلة البزق ويغني أغانٍ كوردية جميلة. ونظرًا لحبي للموسيقى والغناء، أراد أن يعلّمني العزف على آلة البزق، لكن بسبب انشغالي الشديد بالمحاضرات وتدريس الطلبة في معهد التربية الرياضية والجامعة الأمريكية، فضلًا عن إشرافي على تدريب أبطال نادي الغبيري في ألعاب الساحة والميدان – حيث فاز النادي بالجائزة الأولى على صعيد لبنان لأول مرة، بعد أن كان الفوز سنويًا من نصيب أبطال نادي “المريميين” – لم أجد الوقت الكافي للاستفادة من دروس الفنان الراحل في العزف على آلة البزق.

لذا، فضّلت أن أستمر في العمل مع نادي الأرز الرياضي، وإلقاء المحاضرات الثقافية والرياضية دعمًا لكورد لبنان.

كان الراحل صديقًا مخلصًا، محبًا للتعاون من أجل حقوق الكورد في لبنان.
رحمه الله.

المصادر:

  1. إعلام من سوريا – “سعيد يوسف”، 10 / 3 / 2020 – صحيفة السوري – يوتيوب

  2. د. ولات محمد – “حوار مع الفنان الراحل سعيد يوسف” – إعادة نشر بمناسبة ذكرى رحيله – 25 / 2 / 2025 – ولاتي مه

  3. “رحيل الفنان سعيد يوسف، أحد أعمدة الفن في غرب كوردستان” – 26 / 2 / 2020 – قناة رووداو – يوتيوب

  4. “وفاة الفنان الكوردي الكبير سعيد يوسف” – 26 / 2 / 2020 – شبكة آسو الإخبارية – يوتيوب

  5. “رحيل أهم أعمدة الفن في كوردستان سوريا، أمير البزق سعيد يوسف” – 9 / 1 / 2025 – كولان ميديا

  6. “وفاة الفنان الكوردي السوري سعيد يوسف” – 26 / 2 / 2020 – أرم نيوز – يوتيوب

  7. “رحيل أمير البزق سعيد يوسف” – 27 / 2 / 2020 – صحيفة روناهي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي
يبحث عن أرجوحة
صنعت له أمه
هزازة من أكياس الخيش القديمة……
ومصاصة حليب فارغة
مدهونة بالأبيض
لتسكت جوعه بكذبة بيضاء
……………
شبل بعمر الورد
يخرج كل يوم …..
حاملا كتبه المدرسية
في كيس من النايلون
كان يجمع فيه سكاكرالعيد
ويحمل بيده الأخرى
علب الكبريت…..
يبيعها في الطريق
ليشتري قلم الرصاص
وربطة خبز لأمه الأرملة
………
شاب في مقتبل العمر
بدر جميل….
يترك المدارس ..
بحثا…

مكرمة العيسى

أنا من تلك القرية الصغيرة التي بالكاد تُرى كنقطة على خريطة. تلك النقطة، أحملها معي أينما ذهبت، أطويها في قلبي، وأتأمل تفاصيلها بحب عميق.

أومريك، النقطة في الخريطة، والكبيرة بأهلها وأصلها وعشيرتها. بناها الحاجي سليماني حسن العيسى، أحد أبرز وجهاء العشيرة، ويسكنها اليوم أحفاده وأبناء عمومته من آل أحمد العيسى.

ومن الشخصيات البارزة في مملكة أومريك،…

عبد الستار نورعلي

في دُجى الليلِ العميقْ:

“سألني الليلْ:

بتسهرْ لِيهْ؟”

قلْتُ:

أنتَ نديمي الَّذي يُوفِّى ويُكفِّى،

ويصفِّي..

منَ الشَّوائبِ العالقة..

بقفصِ صدري المليءِ بالذِّكرياتِ الَّتي

تعبرُ أفْقَ خيالي..

بارقاتٍ

لامعاتٍ

تَخرجُ مِنْ قُمْقُمِها،

ففيكَ، أيُّها الليلُ الَّذي لا تنجلي،

أُلقي صَخرةَ النَّهارِ عنْ كاهلي،

وأرفعُ صخرةَ الأيامِ والكتبِ والأقلامِ

والأحلامِ،

والكلامِ غيرِ المُباح،

وفي الحالتين أشهقُ..

وأتحسرُ

وأزفرُ..

زفراتٍ حرَّى،

تسمعُها أنتَ، وتعي،

فما فاتَ لمْ يفُتْ،

وما هو آتٍ آتٍ لا ريبَ فيهِ!

وأشتكي لكَ ولصمتِكَ المهيبِ؛

فأنتَ الشِّفاءُ،

وأنتَ…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

بَدٍلْ لَا تَتَبَدَّلْ

بَدٍلْ اسْتَقِرْ لَا تَنْفَعِلْ

فَالْأَدَبُ أَنْ تَتَحَكَّمَ

فِي الْمَوَاقِفِ لَا تَتَعَجَّلْ

***

الْحَيَاةُ لَيْسَتْ مَنَاصِبْ

وَلَا كُرْسِيٌّ لَكَ مُنَاسِبْ

<p dir="RTL"...