فواز عبدي
إلى ابنتي سامان
التي علمتني أن الخطوة الأولى ليست جرأة فقط، بل حكمة أيضاً.
ثلاثة عشر عاماً مرت
كطيف من غبار الشمس على جبين الذاكرة
شمس منسية في ظلال قامشلو وأحلام عامودا
أسماء تنزلق كخرز عتيق من مسبحة الأيام
شمس تتسلل من بين أصابع البنات
تداعب وجه الماء
وتغوي الغيمات بالنزول
في منتجع ضم خطواتنا المتعبة
المسبح لازوردي
عين واسعة تحدق في السماء
أتذكر نظراتك يا سامان
صغيرةً، واثقةً
حين استأذنت بالنزول:
“أأسبح؟”
رفعتُ عيني
رأيت رجالاً يطوفون كنيزك في مسبح عابر
وكان قلبي
قلبَ أبٍ قديم
مغموس في التردد
قلتُ: إذا نزلت واحدة.. فكوني الثانية!
نظرتِ إليَّ وفي عينيك لمعة برق
مازال يزلزل ركوداً في روحي
وينذر بانفجار مجرة!
قلت: ولم لا أكون الأولى؟!
كنتُ أظن يا سامان أن البحر يخاف على أسراره
أن يبوح بها لأول عابرة..
نسيت يا بنيَّتي أن الماء يشتاق للخطوة الأولى
ونسيتُ لحظتها أن العالم لا يبدأ إلا بأول خطوة
وأن الموجة تنتظر اسماً جديداً يوقظها من سباتها!
سامان..
يا قصيدة لم أجرؤ على كتابتها
حين مرّت على لساني ذات رجفة
سامان
آن لي أن أعتذر منكِ
ومن كل فتاة ظنت أن الأولوية وصاية
لو عدنا من البعيد
لقلت:
“اقفزي يا سامان
واجعلي من الماء شظايا نور
تضيء وجوه الذين نسوا
أن البحر يبدأ بخطوة واحدة!”
كوني المطر الأول
كوني الصرخة الأولى في الولادة
كوني الحب الأول الذي لا يزول
كوني الأولى
فالدنيا تحتاج إلى من يجرؤ أن يسبح ضد التيار
وأن يملأ الفراغ بصوته
سامان..
كل المرايا تنتظر انعكاسك
كل الأغاني تنتظر صوتك
كل المسابح تنتظر قفزتك الأولى
وأنا…
أنا كنت أحتاج أن أتعلم منك الجرأة..
الآن أفهم ..
أن كلمتك الصغيرة كانت بذرة شجرة
وأنا الظلّ الذي تأخر عن الاعتذار.