النساء والحروب.. قراءة في رواية “ذئبة الحب والكتب” لمحسن الرملي

سيماف  خالد محمد

رواية “ذئبة الحب والكتب” للكاتب العراقي محسن الرملي، صدرت عن دار المدى عام 2016، وتعد من أبرز أعماله الأدبية التي تقارب التجربة العراقية من زاوية إنسانية وجمالية عميقة.

تمزج الرواية بين دفء البوح ومرارة الواقع، وتنسج من خيوط الحب والحرب والكتب رسائل تعكس الأوجاع الداخلية وتلامس القلوب.

تبدأ الرواية عندما يكتشف بطلها، بالصدفة، بريداً إلكترونياً كان مخصصاً  لأخيه الذي أُعدم على يد النظام السابق، لكنْ عند إدخاله كلمة السر بشكل خاطئ، يجد نفسه أمام عدد كبير من الرسائل التي كتبتها امرأة تدعى “هيام”.

هيام، المرأة العاشقة للكتب والحب، تجد نفسها في زواج لا يشبهها، ولا يمتّ بِصِلة لعالمها الداخلي المفعم بالشغف والأسئلة.

هيام: امرأة لا تقبل الواقع

هيام ليست مجرد شخصية روائية، بل هي تجسيد لصوت الكثير من النساء اللاتي دمرتهن الحروب والتقاليد، هي امرأة اختارت المقاومة من خلال القراءة والكتابة، عبر علاقات تمنحها شعوراً مؤقتاً بالحرية والانتماء.

تتجاوز الروايةُ الحديثَ عن الحب فحسبُ، فهي تتناول موضوعاتٍ كثيرةً مثل المنفى، الفقد، الهُوِيَّة، والكتابة كملاذ أخير في عالم مليء بالظلام.

الكتب: شريك أساسي في حياة هيام

في الرواية، لا تمثل الكتب مجرد وسيلة للثقافة فحسبُ، بل هي شريك أساسيٌّ في حياة هيام  “الذئبة” التي تفترس الكتب بحثاً عن ذاتها، وتكتب كي لا تختنق في واقع لا يشبهها.

هذا البحث عن الهُوِيَّة عَبْرَ الكتب يُظهر كيف أن الكتابة قد تكون الوسيلة الوحيدة للنجاة في عالم مليء بالتحديات والمآسي.

محسن الرملي: إبداع في إيصال صوت المرأة

يبدع محسن الرملي في تقديم صوت المرأة في روايته بطريقة مدهشة، فهو يكتب بأسلوب شفاف وصادق، يجمع بين الحسّية والتأمل، مما يجعل القارئ يشعر كأنه يقرأ اعترافاً حياً لا مجرد خيال، وهو بذلك يسلط الضوء على صراع المرأة العراقية مع الحرب والتقاليد، في سعي دائم نحو الحرية.

الرواية في سياق الوطن

رواية “ذئبة الحب والكتب” لا تتعلق بالمرأة وحدَها، بل هي أيضاً انعكاس لوطنٍ كامل (العراق) الذي خسر الكثير بسبب الحروب والظروف السياسية والاجتماعية، ومع ذلك يظل العراق يحاول النجاة من خلال اللغة، الحب، والذاكرة.

هذه الرواية تمثل أكثر من مجرد حكاية شخصية، إنها صورة لمجموعة من الأرواح التي تبحث عن الأمل وسط الظلام.

الخلاصة

رواية “ذئبة الحب والكتب” لا تقتصر على كونها روايةً عن امرأة في صراعها مع التقاليد والحرب، بل هي أيضاً دراسة في الهُوِيَّة والحرية.

ومن خلال شخصياتها القوية والأسلوب الأدبي العميق المُحْكَم، تجسّد الروايةُ معاناةَ شعبٍ بأسره في زمن مضطرب.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خلات عمر

لم تكن البداية استثناءً،,, بل كانت كغيرها من حكايات القرى: رجل متعلّم، خريج شريعة، يكسو مظهره الوقار، ويلقى احترام الناس لأنه “إمام مسجد”. اختار أن يتزوّج فتاة لم تكمل الإعدادية من عمرها الدراسي، طفلة بيضاء شقراء، لا تعرف من الدنيا سوى براءة السنوات الأولى. كانت في عمر الورد حين حملت على كتفيها…

عصمت شاهين دوسكي

* يا تُرى كيف يكون وِصالُ الحبيبةِ، والحُبُّ بالتَّسَوُّلِ ؟
*الحياةِ تَطغى عليها المادّةُ لِتَحُو كُلَّ شيءٍ جميلٍ.
* الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌِّ آدابِ العالمِ.

الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌ مجدِّ آدابِ العالَمِ… يَتَفَوَّقُ هُنا وَهُناكَ، فَيَغدو ألمانية الشَّمسِ… تُبِعِثُ دِفئَها ونورَها إلى الصُّدورِ… الشِّعرُ خاصَّةً… هذا لا يعني أنه ليس هناك تَفَوُّقٌ في الجاوانبِ الأدبيَّةيَّةُِ الأخرى،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

كانَ الكاتبُ المِصْرِيُّ عباس محمود العَقَّاد ( 1889 _ 1964 ) يَرى أنَّ الإنسانَ مَخلوقٌ مَفطورٌ على التَّفكيرِ ، لَيْسَ لَهُ أهمية إلا بِقَدْرِ مَا يُمارِس مِنْ حُرِّيةِ عَقْلِه . فالحُرِّيةُ عِندَه لَيْسَتْ مُجرَّد حَقٍّ سِياسيٍّ أوْ شِعارٍ اجتماعيٍّ ، بَلْ هِيَ شَرْطُ الوُجودِ الإنسانِ نَفْسِه .

والعَقَّادُ…

ا. د. قاسم المندلاوي

الرياضة العراقية بحاجة كبيرة للعمل باخلاص ومحبة، وبناء حقيقي لمؤسساتها ومصادرها، بدءا بالمدارس والاندية الرياضية والاتحادات واللجنة الاولمبية ووزارة الرياضة، وصولا الى مصدر القرار في الحكومة العراقية، كوحدة متكاملة تتحمل مسؤولية التخلف والتراجع عن ركب التطور والتقدم الاسيوي والاولمبي والعالمي.

فلا تزال النتائج الرياضية العراقية،…