“صدى النص” لفراس حج محمد.. عمل مشترك يمزج الإبداع البشري بالتحليل الرقمي

في إصدار نوعي يربط بين عُمق الإبداع الشعري وتطورات النقد الرقمي، صدر حديثًا كتاب “صدى النص: رحلة القصيدة من الكتابة حتى التحليل الإلكتروني” للباحث فراس حج محمد. يقدم الكتاب رؤية شاملة لمسار القصيدة، “متى سيتجلى الله يا جبريل؟” كنموذج تطبيقي، من لحظة ولادتها في وعي الشاعر وصولاً إلى تفاعلها مع التقنيات الحديثة في الترجمة والتحليل. ويبرز هذا العمل بشكل واضح كنموذج لتعاون فريد بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي، حيث تتكامل جهود المؤلف وخبرته النقدية مع إمكانات الأدوات الرقمية الحديثة.

يسلط “صدى النص” الضوء على البنية اللغوية المتماسكة لقصيدة “متى سيتجلى الله يا جبريل؟”، مبرزاً كيف تتضافر المستويات الصوتية، المعجمية، التركيبية، والدلالية فيها لتشييد معنى مركب من الألم الوجودي واليأس المطلق والبحث عن خلاص غائب. ويعكس استخدام الشاعر للتكرار، الاستعارات الصادمة، والأسئلة البلاغية صراعاً داخلياً وخارجياً عميقاً، حيث لا تقدم القصيدة إجابات قاطعة، بل تفتح فضاءً لغوياً للتأمل في العجز الإنساني أمام الكارثة.

يتجاوز الكتاب التحليل البنيوي ليغوص في رحلة النص عبر الحدود الثقافية والتقنية. فهو لا يكتفي بعرض الترجمة الإسبانية للقصيدة، بل يبرز الدور الحيوي للشاعرة فاطمة نزال في إنجاز هذه الترجمة، ويقدم قراءتها الشخصية ووجهة نظرها الثرية حول القصيدة، مما يضيف بعداً إنسانياً لتلقي النص. كما يستكشف الكتاب دور الذكاء الاصطناعي المتنامي في عمليات الترجمة الأدبية، متناولاً التحديات والإمكانات التي تقدمها هذه التقنيات في تقييم النصوص وتلقيها في الفضاء الرقمي الواسع، وكيف تسهم الأنظمة الذكية في فهم “صدى النص” وتأثيره.

يُشار إلى أن هذا الكتاب قد صدر بنسخته الإلكترونية ومتاح للتحميل المجاني على منصات الكتب الإلكترونية المتعددة. هذه الخطوة تكتسب أهمية كبرى، حيث تساهم في نشر المعرفة وتعزيز الوصول الحر للمحتوى النقدي والأدبي المتخصص، مما يتيح لجمهور أوسع من الباحثين والطلاب والقراء المهتمين فرصة الاستفادة من هذا العمل المبتكر دون قيود.

“صدى النص: رحلة القصيدة من الكتابة حتى التحليل الإلكتروني” يُعد مرجعاً مهماً للباحثين والنقاد والمهتمين بالأدب الرقمي والذكاء الاصطناعي. إنه يفتح آفاقاً جديدة للنقاش حول مستقبل العلاقة المتشابكة بين الإبداع البشري والتحليل الآلي في عصرنا الحالي، مؤكداً أن التقنية يمكن أن تكون أداة لإثراء فهمنا للأدب وتعميق تفاعلنا معه، وأن التعاون بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية في مجال الدراسات الأدبية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…

سيماف خالد محمد

في المطبخ كعادتي كل يوم استيقظتُ على فنجان قهوة أُحاول به أن أفتح عينيّ وأمنح نفسي شيئاً من التركيز قبل أن أبدأ بتحضير الغداء.

بينما كنتُ منشغلة بالطبخ أفتح هذا الدرج وذاك، دخلت أختي مايا تحمل لابتوبها جلست أمامي، فتحت الجهاز لتعمل عليه وكأنها أرادت أن تؤنس وحدتي قليلاً وتملأ صمت المطبخ بأحاديث خفيفة.

لم…

فراس حج محمد| فلسطين

تثيرني أحياناً في بعض الكتب عتباتها التمهيدية، من الغلاف وتصميمه، وما كتب عليه في الواجهة وفي الخلفية (التظهير)، والعتبات النصيّة التمهيدية: العنوان، والإهداء، والاقتباس الاستهلالي، وأية ملحوظات أخرى، تسبق الدخول إلى عالم الرواية أو بنيتها النصيّة.

تقول هذه العتبات الشيء الكثير، وتدرس ضمن المنهج البنيوي على أنها “نصوص موازية محيطة”، لها ارتباط عضوي…