عبد الجابر حبيب
أمّا أنا،
فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،
حيثُ يتباطأُ الوقتُ
حتّى تكتملَ خطوتُكِ.
أفرشُ خُطايَ
في ممرّاتِ عشقِكِ،
أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،
وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،
لأُمسكَ بقبضتي
بقايا ضوءٍ
انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،
فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.
كلّما تغيبين،
في فراغاتِ العُمرِ،
تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،
ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،
ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.
أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،
وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،
وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ نهايةً،
وأنَّكِ رِحلةٌ أُخرى في حياتي،
وطيفٌ يُطارِدُني
بينَ ظِلالِ الحكاياتِ.
حينَ تنامينَ قُربي،
أستيقظُ على فُتاتِ الهَمسِ،
أعدُّ شَهقاتِكِ سِرّاً،
فهي تُوقظُ في صدري
قَبائلَ الشَّوقِ.
لا أُريدُ الصباحَ،
ما دامَ فمُكِ لم ينطِقني بعدُ،
وما دامت يدُكِ
لم تمرَّ على صدري
لترتّبَ نَبضاتِ القلبِ.
صوتُكِ
رَفرفةُ شالٍ على جسدِ الماءِ،
ولُغتُكِ
شامةٌ استثنائيّةٌ
على صفحةِ نورٍ هارب
كلّما اقتربتِ،
انفَتَحتْ في رأسي
نوافذُ تُطلُّ على الأيّامِ،
وسقَطَتْ قِلاعُ الكآبةِ بينَنا،
كلّما همستِ
بلُغةِ النَّبضِ.
أحياناً،
أمشي نحوكَ فيكِ،
أُطاردُ صدى
لحكايةٍ لم تبدأ،
والشوارعُ تعرفُني
كلّما ناديتِني بصمتِكِ.
حينَ تمرّين،
خفيفةً كالحُلمِ،
يتكاثرُ الوردُ في خُطايَ،
ويُغادرُني أشواكُ
مَن كانَ يترصَّدُ فرحي.
حينَ تلفُّني عيناكِ
بضوءٍ لا أُطيقُ تفسيره،
أخلعُ اسمي
وأمشي على نَفَسكِ،
أُصغي لما لا يُقال،
وأرتّبُ داخلي
للسكنى بكِ.
وفي المساءِ،
حينَ تذوبُ الملامحُ في عَتمةِ المكان،
أراكِ بينَ أطيافِ المرايا
تلوّحينَ لي بكفِّ الغياب،
فأرتبكُ،
أنسى عنوانَ قلبي،
وتتبعثرُ خُطايَ.
إنْ عُدتِ،
فلا تسألي عن غيابي،
كنتُ أُقيمُ في المسافةِ
بين اسمي وابتسامتكِ،
يا مدينتي التي استوطنتْ قلبي
قبل رحيلي.