«جباية الحرب»: غلّة الحرب ومحصولها

صدر حديثاً عن دار مختلف للنشر والتوزيع، عمل روائي جديد بعنوان «جباية الحرب» للكاتب الكوردي السوري محمود نعسان.

الرواية التي توزّعت على ثمانية عشر فصلاً، جاءتْ في (200) صفحة من القطع المتوسّط، تحكي قصّة رجل ثلاثيني، مثقّف، يحمل في داخله من الإنسانية والخيرية ما لم يعد يتماشى مع هذا العالم المليء بالشرّ والخراب.

يتعرّض هذا الرجل (كنعان) المسالم إلى لهيب الحرب من اعتقال وتهجير وضياعٍ للمستقبل. ولكن بعد خروجه من السجن لا يعود إلى ما كان قبله، بل يخرج نصف إنسان بعد أن فَقَد نصفه الآخر، نتيجة ما تعرّض له من تعذيب جسدي نفسي وظلم بغير ذنب، ليبدأ بعدها الدخول في نفق مظلم يزداد عمقاً بأسئلة وجودية مؤرّقة يطرحها على نفسه، تنتهي به بجنون من نوع آخر.

وفي تصريح لمواقع إعلامية قال نعسان: «جباية الحرب هي غلّتها ومحصولها من القتل للإنسان والحيوان، وهدم للبيوت والأحجار. الحرب تقتل كلّ شيء فينا، تقتل الروح، وتقتل الأمل بحياة بسيطة نعيشها كما يعيشه العالم، وتقتل حتى الرغبة بالحياة، وحينما يفقد الإنسان الرغبة بالحياة يتحوّل إلى عبء على الحياة والبشر. الحرب تقتل العقل فتتركنا مجانين ومرضى نفسيين، سنوات الحرب نضرة ولا تعرف المَحَلَ».

وأضاف الكاتب الكوردي: «أردت أن أقول للعالم: هذا نوع من محصول الحرب. إنه الجنون، وموت العقلانية، وتحوّل الإنسان إلى وحش مفترس، يقتل من أجل القتل. وأردت أقول للناس: كفى، أرجوكم، فإننا نحن مَن نقتل أنفسنا بأظافرنا وليس الحرب».

ويرى أن الحرب كلمة يتحجّج بها الإنسان ليبرّر الظلم والشرّ، الذي يمارسه على أخيه الإنسان، وأنه إذا لم تكنِ الحرب موجودة لكان قد اخترع مصطلحاً آخر ليمارس ظلمه وجنونه تحت اسمه.

وأردف: «مجتمع الحرب مقهور ومكسور من الداخل، والمفاهيم فيه تختلف عن باقي المجتمعات السليمة، لذلك كان لا بدّ من إعادة تعريف هذه المفاهيم البديهية، لنحافظ عليها سليلة بعيدة عن تعريف زبانية الحرب لها، لأنه في زمن الحرب يتنحّى دور المثقّفين والمنظّرين ويبدأ دور أشخاص مجرمين، يتولّون قيادة المجتمع؛ لذا عرجت بشكل ضمني أو صريح على إعادة تعريف مكونات المجتمع مثل: المرأة والطفل والخير والشرّ… لا لأبتكر تعريفات جديدة لها، بل لأؤكّد على دورها الفعّال في القلاقل والأزمات».

هذا وجاء على الغلاف الخلفي للرواية:

«في زمن الحرب، لا ينجو أحد. لكنه قرّر أن ينجو، على طريقته.

أن يقطع آخر خيط قد يربطه بهذا العالم الملوّث.

أن يمنع الظلم من أن يُعاد إنتاجه، حتى لو كان الثمن: نفسه.

«جباية الحرب» تحفر بسردية متسلسلة في جراح الحرب، لا لتصفها، بل لتصرخ منها. يكتبها محمود نعسان، عن مجتمع الحرب والندوب الاجتماعية. يدخل إلى العوالم الجوانية للنفس البشرية، مُسلّطاً الضوء على أسئلة كبرى مثل:

ما هي المرأة؟

لماذا كلّ هذا الشرّ في العالم؟

ما هي الحرب؟

من أين يتنفّس اللاجئ؟

محاولاً أن يعقد مقارنة، بين الخير والشرّ، مجسّداً ذلك في شخوصه. ويكشف الغبار عن مفاهيم اجتماعية تجاه المرأة والحرّية والإنسانية».

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…