.كتاب : زاغروس جرس الحضارة ( الموسيقى والإبداع)

نزار يوسف

كما هو معروف، كانت الموسيقى المبكرة البدائية عنصراً طبيعياً وغير واعٍ ، نحن نؤمن أن الموسيقى تم اكتشافها من قبل البشر استنادا ًعلى أصوات الطبيعة وتقليدها. 

من الواضح أن الأغاني والموسيقى نشأت بفضل فهم الناس لها، ابتكروها واستخدموها تلبية لاحتياجات حياتهم. إن تطور الآلات الموسيقية اليوم هو نتيجة تطور تلك الآلات الموسيقية المبكرة البسيطة.

وبعد أن خرج الإنسان من حياة الكهوف والصيد عبر مراحل، لإيجاد توفير أدوات الحماية والحياة في مناطق جبال زاغروس و طوروس، وتدجين الطيور، وجمع البذور، وتطور الصناعات الوقائية والداعمة للحياة، من الحجر والخشب والآجر ثم من النحاس والحديد. تحول إلى ثورة في التنمية الزراعية والثقافية ثم امتدت وانتشرت إلى المناطق المجاورة لخارج محيطهم.  وقد تم تحويل العديد من هذه المواد والأدوات المبكرة إلى أدوات موسيقية من خلال الوعي والتطور.

القسم الأول من الكتاب : يتحدث عصور ما قبل التاريخ، في جبال زاگروس وطوروس وبلاد ما بين النهرين إلى الميلاد، من ضمنها حضارة عيلام وعصر السومريين والبابليين والآكاديين والحوريين وميديا, وحول تأثير إبداعاتهم على الشعوب المجاورة مثل المصريين واليونانيين وغيرهم.

الجزء الثاني من الكتاب : يتحدث عن  ما بعد ميلاد السيد المسيح وصولا ً إلى القرن العشرين، حيث  نبدأ بالتركيز على ازدهار الحضارة الساسانية وعلاقاتها التجارية و الدبلوماسية مع الهند والصين, كما استعان الصينيون بالموسيقيين والراقصين الساسانيين على مستوى دوائر العالية للسلطة، واقتباساتهم من الفنون و الموسيقى الساسانية المتقدمة، التي وصلت إلى القمة في العديد من مراحلها.  ومن ثم  عصرالغزوات/الفتوحات العربية وتأسيس الدولة العباسية، واستفادتها من ثقافة و وفنون الإمبراطورية الساسانية العظيمة المتنوعة. 

-هل كان العرب يملكون آلات موسيقية في ذلك الوقت؟

-هل العود آلة موسيقية عربية فعلا ً  كما يقال؟

بعدها يتحدث الكتاب عن  مرحلة الإمارات الكوردية شبه المستقرة، وتأثير ذلك الاستقرار على الفن و الابتكار والإبداع.  يلي ذلك مرحلة الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية وكيفية سرقتهم لتلك الكنوز الفنية و التراث الفلكلوري والموسيقي وتدوينها باسمهم.

دور أسلاف (الآباء والأجداد) الكورد، المخترعين والمبدعين، في صناعة الآلات الموسيقية وبناء الحضارة، ومساهمات المبدعين الكورد من الفنانين والموسيقيين في حضارات الشعوب الأخرى.  في سياق ذلك، بوتيرة متوازية مع أسلافهم المبدعين برزت أمثال: اورهيا(وَرهيا)، آمورابي، برباد، آذاد، بامشاد، منصور زلال، الكَستَيي، إبراهيم واسهاق الموصلي، زرياب، صافي الدين اورميي، إلى أُوزمان آميدي (الموصلي) وغيرهم كثر.

ومن الاأسئلة التي يثيرها الكتاب :

-أليس رواد إنتاج الموشحات الأندلسية والعثمانية/التركية الأولى كورداً ؟

-كيف انتقلت الآلات الموسيقية من بلاد ما بين النهرين وشمالها والهضبة الإيرانية إلى مصر بعد ألف عام، ثم إلى اليونان بعد ألفي عام، وكيف ؟

-من أي آلة وترية اخترع الجيتار (3 أوتار) ومن من؟

-المواقع  الأثرية التي اكتشفت فيها آلة الطنبور ؟

-في أي موقع تاريخي تم اكتشاف آلة العود لأول مرة؟

منذ النصف الثاني من القرن المنصرم، هناك العديد من الأسماء الشهيرة والبارزة من الملحنين والموسيقيين  من خريجي الجامعات والأكاديميات الأوروبية، من خلال البحث الأكاديمي والعلمي، ينتجون إبداعات تصل إلى المستويات العالمية.

في الختام، الشخصية الكردية شخصية اجتماعية منفتحة على المجتمعات والحضارات الأخرى، وفي مقدمتها حب الفن والمعرفة والعلم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…

سيماف خالد محمد

في المطبخ كعادتي كل يوم استيقظتُ على فنجان قهوة أُحاول به أن أفتح عينيّ وأمنح نفسي شيئاً من التركيز قبل أن أبدأ بتحضير الغداء.

بينما كنتُ منشغلة بالطبخ أفتح هذا الدرج وذاك، دخلت أختي مايا تحمل لابتوبها جلست أمامي، فتحت الجهاز لتعمل عليه وكأنها أرادت أن تؤنس وحدتي قليلاً وتملأ صمت المطبخ بأحاديث خفيفة.

لم…

فراس حج محمد| فلسطين

تثيرني أحياناً في بعض الكتب عتباتها التمهيدية، من الغلاف وتصميمه، وما كتب عليه في الواجهة وفي الخلفية (التظهير)، والعتبات النصيّة التمهيدية: العنوان، والإهداء، والاقتباس الاستهلالي، وأية ملحوظات أخرى، تسبق الدخول إلى عالم الرواية أو بنيتها النصيّة.

تقول هذه العتبات الشيء الكثير، وتدرس ضمن المنهج البنيوي على أنها “نصوص موازية محيطة”، لها ارتباط عضوي…