عبدالرزاق محمود عبدالرحمن.
أيُّ ضياعٍ هذا…
زوبعةٌ من آلام الماضي،
تدور بي حتى تخلعَت جذوري من أرضي.
الماضي… عَلقَةٌ غامقةُ اللون،
تختبئُ ف ي تلافيف عقلي،
تتنفسُ من دمي،
وتتركُ في أعصابي طنينًا لا يصمت.
لا تُمهلني هدوءًا،
ولا تسمحُ لجفني أن يستسلما لنعاسٍ رحيم.
أقفُ أمام المرآة…
أحدّق في وجهي كأنني أبحث عن طفلٍ ضاع في داخلي،
طفلٍ بعينين غارقتين في الخوف،
يقف في زاوية الغرفة
يتجنّب نظرات أبيه القاسية،
يمسك دموعه بأسنانه،
ويتمنى كلمة حنان… لم تأتِ.
ألمس أطلال أيامي كمن يلامس جرحًا يعرفه جيدًا،
لكنّه لا يلتئم.
أمدُّ يدي نحو الغد،
فيمدُّ الماضي جدارَه بيننا،
جدارًا من ذكرياتٍ مبتلة بالخذلان.
أطفالي يضحكون بعيدًا،
وأنا أبتسم…
ابتسامةٌ ترتجفُ في وجه الخجل.
أصدقائي يمشون في شوارع جديدة،
وأنا عالقٌ في ممرٍ قديم،
أعيدُ نفس الحكاية لنفس النهاية.
أيُّ ضياعٍ هذا…
أن ترى العمر يتسرّب من بين أصابعك،
وتدرك أن أول خيطٍ في هذه الحكاية
كان من طفولةٍ بائسة
وقلبٍ تربّى على الخوف قبل أن يتعلّم الحب.