نزوح – كوباني

زوزان ويسو بوزان
1
كوباني على الحدودِ تصرخ..
تودِّع أبناءها واحدًا.. واحدا
وترحلُ في الليلِ مثقلةً بالوجيعةْ
تحملُ أحلامَها فوقَ أكتافها المتعبةْ
منهم من خرجْ.. حافيَ الروحِ والقدمينْ
ومنهم من تركْ غنائمَ العمرٍ الطويلْ
وسافرَ وحدَه مع ذاكرتهْ

فماذا جنتْ الشيخةٌ في الخريفْ
بأيِّ ذنبٍ تُشرَّدُ الطفولة
كأنَّ البلادَ نسيتْ أنَّهم من رَحِمِ الأرضِ
وُلدوا ها هنا
2
أيُّ دينٍ يبيحُ ذبحَ العجائزْ
أيُّ دستورٍ يشرعُ قتلَ الأباريح
أيُّ بلاد تزرعُ الخوف
بقلوبِ صغارها
في زمن الحربِ
تذبلُ الطفولةُ وروداً صغيرة
وتُغتالُ الأحلامَ..
بلا وداعٍ.. بلا انتظارْ
رحل البعض حدّ الضياع
والبقيةُ.. ظل يصارع المنفى غريباً في الوطن
والقتلة يكتبُون بالدمِ
ما لا يُقرأُ فوقَ الجدارْ
3
أمي…
علمت أن العواصفَ
ستخَيَّم فوقَ كلِّ الجهاتْ
أعددت للشتاءِ مؤونتها…
ثم غادرت
أشياؤها الصغيرة بقيت تصرخ وجعاً خلفها
ما أخذت معها سوىَ تعبِ السنينْ
وكتان ملسها وكوفيةَ الشعر الحريرِ.. وخفَّتاناً من التراثْ
مزخرفَينِ بزهورٍ كوباني

4
أمي…
التقينا من جديدْ
فصارَ وجعُنا أكبرَ من الصرخة
وصارَ النسيمُ عصفاً
وصارت الدموعُ أسفاً
بعدَ المقتلة
في أزقّةِ كوباني اليتيمةْ

5
أمي…
هل تريدين أن تعرفي الآنَ
ما حالُ كوباني
شوارعُها خاليةْ
سماءُها تمطرُ ناراً
ما عادت رائحة الخبز تعلو الأزقة
ضحكاتُ الأطفالِ ذوتْ
ودبسكِ فوق السطحِ قيد الانتظار
والشمسُ خجلة من نورها
تضيءُ أرضها المحروقةً..

كوباني… ما عادتْ كما كانتْ
لكنْ تحتَ الركامْ
ما زالَ الحنينُ يتنفَّسُ
والحلمُ يرفرفُ كطيرٍ عنيدْ

فالبيتُ لا يُنسى
والذاكرةُ لا تُمحى
وإن طالَ الغيابْ
ستعودُ الطيورُ يومًا
لتفرشَ أعشاشَها
فوقَ بيوتٍ بُنيتْ بالأملْ
2014/9/19

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…

عبدالجابر حبيب

 

يا صديقي

بتفصيلٍ ثقيلٍ

شرحتُ لكَ معنى الأزقّةِ،

وكيفَ سرقتْ منّي الرِّياحُ وجهَ بيتِنا الصغيرِ،

لم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للسّماءِ

كيفَ ضاعتْ خطواتي بينَ شوارعَ غريبةٍ،

ولم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للظِّلالِ

كيفَ تاهتْ ألوانُ المساءِ في عينيَّ،

كان يكفي أن أتركَ للرِّيحِ

منفذاً خفيّاً بينَ ضلوعي،

أو نافذةً مفتوحةً في قلبي،

فهي وحدَها تعرفُ

من أينَ يأتي نسيمُ الحنينِ.

كلُّ ضوءٍ يُذكِّرُني ببيتِنا…

غريب ملا زلال

يتميز عدنان عبدالقادر الرسام بغزارة انتاجه، ويركز في اعماله على الانسان البسيط المحب للحياة. يغرق في الواقعية، يقرأ تعويذة الطريق، ويلون لحظاتها، وهذا ما يجعل الخصوصية تتدافع في عالمه المفتوح.

عدنان عبدالقادر: امازون الانتاج

للوهلة الاولى قد نعتقد بان عدنان عبدالقادر (1971) هو ابن الفنان عبدالقادر الرسام…