عِصمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي
تَرَاءَتْ أَمَامَ البَابِ كَنَسْمَةِ العَبِيرِ
ابْتَسَمَتْ وَقَالَتْ تَنْتَظِرُ
مِنْ زَمَنٍ نَذِير
كَالهَمْسِ قُلتُ لَهَا
أَنْتَظِرُكِ كَالمَوْجِ هَدِير
جَلَسَتْ كَالوَرْدِ طَرِيٍّ
عَلَى أَوْرَاقِهِ نَدًى سَلْسَبِيل
رَوَتْ حِكَايَاتٍ مِنْ مَاضٍ
قَدِيمِ الأَجَلِ شَرِير
حِينَـمَا وَصَلْنَا
وَكُنتُ لَا أَتَمَنَّى الوُصُولَ
مَتَى أُوقِفُ الوَقْتَ اليَسِير ..؟
قَالَتْ : تَنْتَظِرُنِي
قُلتُ : نَعَمْ وَمَنْ لَا يَنْتَظِرُ القَمَرَ المُنِيرَ
رَحَلَتْ بِخُطًى جَمِيلَةٍ
كَانَ الأَرْضُ تَقِفُ بِلَا تَدْبِير
قُلتُ لَحْظَةً مَا اسْمُكِ
قَالَتْ اسْمِي غَدِير
+++++++
تَجَلَّتْ خُطَايَ أَرْصِفَةَ شَوَارِعِ مَحَلَّات
دُرُوبٍ مِنَ المَاضِي
أَزِقَّةٍ كَانَتْ أَزِقَّةً أَزْقَات
كَانَتْ بُيُوتٌ مِنْ طِينٍ
وَسَقْفٌ بِأَعْمِدَةٍ مِنْ شُجَيْرَات
دَارَتِ الذِّكْرَى
هُنَا كَانَ بَيْتُنَا
هُنَا لَعِبْنَا، آهٍ مِنَ الذِّكْرَيَات
تَرَاكَمَتِ الصُّوَرُ
ضَجَّتْ فِي الأَحْدَاقِ العَبَرَات
مَسَحْتُهَا حَتَّى لَا يَرَى النَّاسُ
عَلَى الخَدِّ لَمْعَةَ القَطَرَات
جَلَسْتُ أَشْرَبُ الشَّايَ
فِي أَيْلُولَ التَّغَيُّرَات
تَنَهَّدْتُ، هَدَأَتْ فِي صَدْرِي
بَعْضُ المُعَانَاة
أَنْتَظِرُ السَّاعَةَ الوَاحِدَةَ
كَأَنَّ الوَاحِدَةَ أَصْبَحَتْ سَاعَات
+++++++++
تَحْتَ ظِلِّ الشَّجَرَةِ أَنْتَظِرُهَا
تَتَسَاقَطُ الأَوْرَاقُ الصَّفْرَاء
تَحْمِلُهَا الرِّيَاحُ فِي مَجْرَاهَا
يَمُرُّ الوَقْتُ عَلَى أَجْنِحَةِ الزَّمَنِ
فَإِذَا خُطُوَاتُهَا تَقْتَرِبُ مِنْ مَدَاهَا
فَتَحْتُ البَابَ
قَالَتْ: تَكْتُبُ الشِّعْرَ؟
قُلتُ: أَتَنَفَّسُ الشِّعْرَ فِي هَوَاهَا
مِنْ عَيْنَاهَا صَاغَتِ النَّظَرَاتُ
فَلَا نَظَرَاتَ سِوَاهَا
دَارَ حَدِيثٌ ذُو شُجُونٍ
مَا أَجْمَلَ الحَدِيثَ فِي فَاهَا
آخِرُ مَحَطَّةٍ نَزَلَتْ
قَالَتْ: رُبَّمَا نَلْتَقِي
ثُمَّ أَغْلَقَتِ البَابَ وَرَاءَهَا
غَدَتْ ذِكْرَيَاتٌ بَعْدَهَا
وَتَرَكَتْ غَدِيرٌ ذِكْرَاهَا