كتاب: (رجال لم ينصفهم التاريخ).. المقدمة

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكتاب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو): نارين عمر سيف الدين، حاجم موسى، هشيار عمر لعلي، وبهجت حسن أحمد، في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير في صفحات التاريخ.

إن هذا الكتاب يمثل جهدا جماعيا لإحياء الذاكرة الوطنية الكوردية وتخليد رموزها الذين سطروا ملاحم العطاء والتضحية، كما يأتي نشره على حلقات في إطار التزامنا الثقافي بتقديم محتوى توثيقي رصين يربط الأجيال بماضيها النضالي المشرف.

من خلال هذا المشروع، يسعى ولاتى مه إلى أن يكون جسرا بين القارئ والتاريخ الحي، وفاء لرجال حملوا راية الحرية بإيمان وصبر، وأثبتوا أن الكلمة الصادقة قادرة على إبقاء الذاكرة حية مهما طال الزمن.

ادارة (ولاتى مه)
تشرين الأول 2025

===========

رجال لم ينصفهم التاريخ

المقدمة :

في مراحل الكرد النضالية ، برز رجال أعلام لم يكونوا مجرد أسماء ، بل كانوا جنودا مجهولين، ظلمهم التاريخ ولم ينصفهم أحد ، سواء من المجتمع 

الكردي ، أو من الأحزاب الكردية في روژآڤایێ کوردستان للأسف الشديد.

أولئك الأبطال بحق كانوا مثالاً للتضحية والفداء ، والإرادة الحرة ، وأكثر من ذلك بكثير ، ولا أبالغ ولا ألقى القول جزافاً، إنهم بحق كانوا رجالا عظماء، ليست لأمة مثلهم في تاريخنا المعاصر،

الذين اتصفوا بفيض من الحب، والنبل، والتضحية ، والعزيمة والإيمان .

في مدينة( ديرك) ومحيطها الجغرافي ، عاش هؤلاء وقاموا بأدوار محورية ، رسمت ملامح الوعي الوطني والقومي، بين صفوف الجماهير الكردستانية،

هاجرين لذلك نعيم الحياة وملذاتها، بسواعدهم وأفكارهم النيرة ، متناسين الغنى والجاه، طوال حياتهم بلا كلل ولا ملل، وأجادوا بالغالي والنفيس من أجل الحرية والكرامة.

رجال عشقوا النضال  والكفاح ، وأصبحوا نواة للثورة الكردية التي أوقدت مشاعل الحرية ، في أحلك الظروف ، وأصعبها على الإطلاق.

في كتابي(حلم الحياة ) أطلقت على ديرك مثلث الحياة تارة والمثلث الذهبي تارة اخری ، لأنها كانت الممر الوحيد، الذي كانت تعبر منه أحلام الثوار، والمركز الذي قدمت الدعم المادي والمعنوي ، لثورتي أيلول وگولان ،

اللتان أصبحتا أيقونة نضالية راسخة، وحتی في انتفاضة عام 1991 لامست قلوب الجماهير وضمائرهم ، وغدت شعلة تنير الدرب للأجيال لا تنطفئ أبدا.

في تلك الزوايا الحدودية من ديركا حمو ، سطر هؤلاء ملاحماً بطولية استثنائية، وقدموا تضحيات جسام ، بروح كردستانية عالية، تجلت في أنقى صورها .

ولم تكن هذه المنطقة ، مجرد نقطة عبور، بل كانت الشريان الذي أمد الثوار بكل مااحتاجوا إليه، من سلاح ، وغذاء، ودواء، في ظروف كانت في غاية الصعوبة .

لقد جسد هؤلاء مفهوم الوحدة الحقيقية ، بين أبناء الشعب الكردي، رغم النيران التي كانت تلتهم كل شيء من حولهم .

هذا ماقدمه المناضلون في سنوات الكفاح، في كل القرى الحدودية ، بدءاً  من : مزرێ ، وديركا براڤێ،  وزهيرية، وزغات، وركاڤا، وتليلون، وكنگلو، وخراب رشك. وپليسي، وموزلان، وتل دار، وعلي گامش، وشرك، وگربلات،  على سبيل الذكر لا الحصر.

لقد كانت هذه القرى محطة،  لتزويد المقاتلين البيشمرگة ، بكل مايحتاجونه من أسلحة ومؤن ودواء، في كل أجزاء كردستان المغتصبة.

إن إرادة الشعب الكردي لم تنكسر، رغم المخاطر والحصار المفروض عليهم من كل جانب، بل ازدادت قوة وصلابة.

لقد كان هذا المثلث الحدودي، بوابة للنضال ، ومسرحا للتعاون المستمر بين أبناء كردستان، الذين جعلوا من المستحيل ممكنا، بفضل نضالهم وتضحياتهم الجسام ، وإيمانهم الراسخ بقضيتهم وحقهم في الحياة ، أسوة بشعوب المنطقة .

في ظل تلك الظروف المعقدة والقاسية،  لعبت تلك القرى دورا استثنائيا في تمويل الثوار.

ففي قرية زغات كمثل حي على هذه الروح النضالية، وقوف الشاعر الكبير الراحل (عمر لعلى ) وأهالي قريته ، ومساعدة أهالي القرى الآنفة الذكر، كانوا في مقدمة الصفوف الذين قدموا الدعم للثورة ، حيث كانوا يجمعون القمح ويطحنونه،  بطاحونتهم المائية التي كانت مصدرا أساسيا،  لتأمين الخبز والغذاء للثوار في الخطوط الأمامية .

لم تكن النساء بعيدة عن هذا المشهد النضالي ، فكان لهن الدور

المثالي في التضحية والنضال، حيث لم يقتصر دورها على إعداد الخبز والغذاء، بل كن شركاء في كل العمل النضالي ، ومساهمتهن في الحفاظ على جذوة النضال مشتعلة ، بكل ما

ٲتين من قوة .

لم تكن جهود هؤلاء ومساعداتهم مقتصرة على كردستان العراق، بل امتدت لتشمل كافة أجزاء كردستان الكبرى.

ففي سورية لعب الكرد في القامشلي ، عامودا. الحسكة،  كوباني، عفرين، ومناطق أخرى ، دورا بارزا في دعم الثورة .

وعلى الرغم من أن هؤلاء لم يكونوا في جبهات القتال بشكل مباشر ، إلا أنهم كانوا يشكلون الركيزة الأساسية ، التي استند إليها المقاتلون ماديا ومعنويا ، من أجل أن تستمر الثورة ، وتحقق أهدافها القومية المشروعة التي تسعى إليها بكل ما تملك من قوة وإرادة.

في الداخل كان هناك تناغم  بين القرى والمدن،  وبين الداخل والخارج ، فالجميع كانوا يعملون

في سبيل تحقيق الأحلام المنشودة .

كان قرار حماية كردستان، من قبل مجلس الأمن الدولي شمال الخط ٣٦ ، بعد الانتفاضة الشعبية الكبرى عام ١٩٩١،  بمثابة ثمرة لتلك الجهود والتضحيات،  إذ وفر للشعب الكردي الحماية ، ومهد الطريق لتحقيق استقراره، الذي لطالما حلمنا به.

واليوم سنظل شهوداً على ماقدمه هؤلاء، من نضال وتضحيات عظيمة، في سبيل الحرية والكرامة ، لهذا الشعب المسالم الحر الأبي.

 

وهذا جزء يسير مما قدمه هؤلاء المناضلون في سنوات الكفاح…

وهنا لا بد أن نقف بإجلال أمام المواقف التاريخية والمبدئية التي جسدها القائد مسعود بارزاني في دعمه لأجزاء كوردستان كافة، ولا سيما روج آڤا (غرب كوردستان). فقد كان حاضراً في الوجدان والميدان، مدافعًا عن كرامة أبناء جلدته، رافعًا لواء الأخوة والنجدة، وراسمًا ملامح وحدة حقيقية بين أجزاء الوطن الكوردي.

 

تجلّى هذا الدعم بدايةً في انتفاضة عام 2004، حيث شهد المثلث الذهبي – ديركا حمكو، قامشلو، كوباني، وعفرين – موجة من النهوض الشعبي الكوردي في وجه القمع والحرمان. حينها، لم يتردد القائد مسعود بارزاني في احتضان إخوتهم الفارين من الاضطهاد، فكانت قرية( مقبلێ) التابعة لناحية( سيميل) العائده ادارياً لمنطقة (زاخو )في جنوب كوردستان مأوىً لهم، حيث وُفِّر الأمان والرعاية في وقت عزّ فيه الناصر.

 

ومع اندلاع ثورة الحرية في سوريا عام 2011، وما تبعها من تطورات سياسية وأمنية، لم يقف القائد بارزاني موقف المتفرج، بل ساند الشعب الكوردي في مسعاه لنيل حقوقه، واستقبل آلاف اللاجئين في إقليم كوردستان، فاتحًا لهم الأبواب، ومقدمًا يد العون بكل سخاء.

في المحافظات الثلاثة دهوك،وهولير والسليمانية

ولم يكن الموقف الأعظم بعيدًا، حين أوشكت مدينة كوباني على السقوط بيد عصابات داعش الإرهابية. ففي لحظة مصيرية من تاريخ الكورد، اتخذ القائد مسعود بارزاني قرارًا شجاعًا بإرسال قوات من الپێشمرگه الأبطال، الذين قاتلوا جنبًا إلى جنب مع إخوتهم في غرب كوردستان، وتمكنوا من حماية المدينة ومنع سقوطها بيد عصابات داعش، في مشهدٍ أصبح رمزًا للوحدة والتضحية.

 

كما لا يمكن نسيان القرار الإنساني النبيل بإرسال دزگایێ خیرخواێ بارزاني (مؤسسة بارزاني الخيرية) إلى عفرين، إثر الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، وخلّف دمارًا كبيرًا في مدينة عفرين وناحية جنديرس وقراها. لقد كان ذلك موقفًا آخر من مواقف الوفاء، حيث وقفت المؤسسة إلى جانب الأهالي، مقدّمة الإغاثة والمساعدات في وقت اشتدت فيه الحاجة.

 

إن هذه المحطات المشرقة التي خطها القائد مسعود بارزاني في دعمه لروج آڤا ليست سوى دلائل صادقة على التزامه بوحدة الأرض والقرار الكوردي، وعلى يقينه الراسخ بأن مصير الكورد واحد، وأن التضامن بين أجزائه هو السبيل نحو نيل الحرية والكرامة.

ختاما : إن قصة هؤلاء الأبطال ، هي قصة الكرد أنفسهم ، الذين جاهدوا لمواجهة هذا الظلم والقهر و اللذان لحقا بهم ومنذ مئات السنين .

إنها دعوة لنستلهم منها القوة والعزيمة ، والدروس والعبر ، من أجل مواصلة الكفاح والنضال،  لمستقبل مشرق لكردستان،  وتحقيق الحرية والكرامة لأبنائه.

 

سمكو عمر لعلى

كوردستان .هولير

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مصطفى عبدالملك الصميدي

أعمى أهـيـمُ

ولـنْ يـرْتـدّ لِـي بَـصَـرُ

ما لمْ تكـوني بقُـربـي ضَـوْئِيَ النّظَرُ

 

فحدِّقِي

في جيوبِ الغَيـمِ

وانتظري

قـمَـراً يـطِـلُّ علـى الدُّنـيـا

وينتـظـرُ

 

عـينـاك فـي اللـيل

مِـرآةٌ يحـطّ بها

وطِـبُّ عـيْنـايَ فـي مِرآتك

الـقَـمـرُ

 

يا رُبَّ أعمى

غداً يصـحـو بَصِيرا إذا

ما عـاد يذكُـر إنْ قَـد مَـسَّـهُ

الـضّـرَرُ

 

حتى وإنْ جاءَهُ سُؤْلٌ:

شُفِيتَ متى؟

يقـول لا عِلْـمَ لـي

مـا شَـاءَهُ الـقَــدَرُ

 

=========

اليمن

ماهين شيخاني

لم تكن الدرباسية يوماً مدينة كبيرة بالمعنى الجغرافي، لكنها كانت — كما يصفها المسنين — “مدينة من الضوء والحنين”.

في نهايات الخمسينيات، حين كانت الطرق ترابية، والمولدات تُدار باليد، وعلب البوظة المعدنية تصدر رنيناً في أزقة السوق، وُلدت أول دار سينما في المدينة… سينما ( سلوى ) ل جليل قره زيوان.

كانت تقع مقابل المطحنة ومعمل…

نحن، إدارة مركز الجالية الكوردستانية، الذين عملنا تحت مظلة الفدراسيون لأكثر من أربع سنوات، وساهمنا في جمع الجمعيات المدنية الكوردية والفنانين والمبدعين تحت لواء مركزنا، نرفع إليكم هذا التقرير لتوضيح ما تعرضنا له من إجحاف وظلم بحرماننا من حقنا المشروع في المشاركة في المؤتمر القادم، المزمع عقده بتاريخ 7 ديسمبر في برلين.

للأسف، نحيطكم علمًا بأن…

يسرى زبير

نَوْروز كولن…
جعل المدينة تنطق بالكردية،
وجعل السماء تبكي، ولو للحظات،
على شعبٍ يلتفُّ حوله بالآلاف،
دون وطن،
دون هويةٍ تحتضنهم،
سوى أنهم مواطنون باسم دولٍ تحكمهم.

جعلت السماء تفرش لهم في الأفق
ألوان قوس قزح،
وتهدئ من لوعة انفسهم،
هيجان أرواحهم،
لينتفِضوا بالهتاف:
“واحد واحد، الشعب الكردي واحد!”

الشعب…
الذي له الوجود والخلود،
وكردستان الحلم.

هل سيصحو العالم على الحقيقة؟
شعبٌ يهوى الحرية والسلام،
لا يحلمُ إلا بوطنٍ يأويه،
وأرضٍ تحميه،
وترابٍ يحتضنه،
وسماءٍ…